عن الأزمة ومضاعفاتها.. الشخصية

TT

تلقيت ما يزيد على عشرين تعليقا يوم الثلاثاء الماضي على الزاوية المكتوبة عن أزمة دبي المالية. وأسعدني أنها جميعها تناصر دبي، وتعتبر الأزمة عابرة وعودة الازدهار قريبة. لكن أقلقني أن يكون البعض قد ظن أنني لا أحمل المشاعر نفسها. ويذكّرني قارئ لبناني من الولايات المتحدة بأنني كنت أغالي في مديح دبي في السنوات الماضية. والواقع أنني لم أغالِ يوما ولا مدحت مرة، بل نقلت على الدوام شيئا مما رأيت، قارنت دوما بين دبي التي عرفتها يافعا وبين النموذج المعماري الذي صارت إليه. ويقول أحد القراء: «عندما يسقط الجمل تكثر سكاكينه». وأحب أن أوضح أنني لست دولة في تنافس مع دبي، ولست مقاولا ولا مستثمرا، ولا أنا قوة تريد أن تخرب العالم العربي بدءا بأفضل وأسطع نموذج للنجاح التجاري والاقتصادي.

لعلها مناسبة لإيضاح مسألة قديمة جدا وشخصية جدا: باستثناء وظيفتي في «العربية»، لم تكُن لي على مدى أربعين عاما، أي علاقة مادية مع أي مسؤول أو غير مسؤول في دبي. كانت ولا تزال لي علاقات صداقة ومودة ومحبة مع الجميع. أما الذي يجعلني أغار على دبي، فكونها نموذجا فريدا في النجاح والعمل والسعي. ولست شريكا ولا مالكا ولا مساهما في مبانيها وأبراجها، لكن لي كمواطن عربي علاقة مستقبلية عضوية، بما أنشأت من جامعات وطورت من صحف وأفسحت من مدارس وأقامت من نماذج ناجحة في التجارة والصناعة والملاحة والمصارف والإعلام.

في قلب كل عربي حقيقي كانت هناك أمنية بأن يقلد هذا النموذج الشديد الاجتهاد والإتقان، لا أن يشمت به. وبالنسبة إليّ كانت دبي المزدهرة توفر العمل والدخل لآلاف اللبنانيين. وكان ألوف آخرون يخططون للانتقال إلى هذا البلد القريب والسهل والسمح والملتزم القوانين الصارمة.

أما وأنني قلت كل هذا، فلا بد من الاستطراد، بأنه عندما يكتب المرء عن بلد في أزمة كبرى لا يكتب عن الزهر والوفر. لم أحاول مرة «تجميل» أزمات لبنان لكي لا أتحول إلى أضحوكة أو أفقد ما أعتبره مصداقيتي وتجردي. ولست متعلقا بدبي قدر تعلقي بلبنان (الرطوبة وصعوبة المشي)، ولكن منذ وقت طويل وهي من الأمكنة التي أشعر فيها بالألفة والطمأنينة. ولم يكن لهذا الشعور، أي فترة، علاقة بديون شركة دبي العالمية، وازدهارها، أو أسواق العالم.