سمات المفاوض العربي الناجح

TT

عندما سئل مجموعة من المديرين العرب عن خصائص المفاوض الناجح جاءت إجاباتهم في 22 عنصرا يتقدمها على التوالي: الثقة بالنفس، والقدرة على إقناع الآخرين، واستغلال الفرص المتاحة، والاتصال الفعال، والمقدرة على قيادة أعضاء الفريق، وإجادة الاستماع، وبُعد النظر وعدم الاستعجال، واستيعاب الرأي المعارض، وإجادة الرد على الأسئلة. جاء ذلك في دراسة أجراها باحثان من جامعة الملك سعود وهما الدكتور عبد الرحمن العالي والدكتور أحمد عبد الرحمن ونشرت في المجلة العربية للعلوم الإدارية.

وتوصلت الدراسة، التي أجريت على عينة من المديرين العرب (من مختلف الجنسيات)، إلى أن هذه الخصائص المطلوب توافرها في المفاوض الناجح يمكن أن تندرج تحت خمسة عوامل رئيسية أبرزها: قدرات التواصل والإقناع. فالمفاوض المؤثر لا بد أن يتمتع بالمقدرة على التواصل الجيد؛ كأن يحسن اختيار عباراته، ويصغي جيدا إلى محدثه ليفهم كل كلمة ويربطها بإيماءاته الجسدية حتى يتأكد من صدق انفعالات المتحدث وما يرمي إليه من كلامه. أحيانا يفيد حسن الإنصات، الذي هو لب التواصل الجيد، في الانتباه إلى أخطاء المتحدث أو زلات لسانه أو ضعف حججه فنستطيع مقارعة الحجة بحجة أقوى، ومن لا يعير مسألة الإصغاء أهمية يضعف أدواته المستخدمة تجاه خصمه. ولمن يرغب في تطوير هذه المهارة لديه يمكنه قياس مستوى إنصاته من خلال تمرين عملي تناولته في كتابي «المرأة تحب المنصتين»، حيث يمكنه بعد ذلك مقارنة نتائجه مع نتائج متدربين سابقين، لتطوير نواحي القصور لديه.

أما العامل الثاني في خصائص المفاوض الناجح فهو «المقدرة على الإقناع»، ومن يفتقد هذه الخصلة المهمة لا يجدر به التطوع للتفاوض عن آخرين لكي لا يحرج نفسه. والإقناع أمر مهم جدا في علم الإدارة والتفاوض ويحتاج إليه كل منا سواء في المفاوضة على رفع راتبه، أو محاولته الفوز بصفقة تجارية وغيرها، وهناك دورات تخصصية لتطوير هذه المهارة، غير أنها لدى كثير من الناس تكون فطرية أو عائدة إلى الاستعداد الجيد للقاء بالأدلة والحجج والبراهين.

من ناحية أخرى، أظهرت إحدى الدراسات أن العرب يختلفون قليلا من جهة طريقة التفاوض مع الآخرين. حيث ذكرت أن المفاوضين العرب، ويشاركهم اللاتينيون، يتخذون موقفا متطرفا منذ البداية (مما يترك لهم مجالا قليلا للتنازل) وذلك عكس ما يقوم به المفاوضون الأميركيون. ومن أبجديات التفاوض أن يؤجل الفرد نقاط خلافه حتى النهاية، فلا يستخدمها في البداية تجنبا لتوتير الأجواء، غير أنه يمكن أن يستخدم النقاط الخلافية في أثناء الحوار كوسيلة ضغط. على سبيل المثال، يصر بشدة على رغبته في أمر معين يدرك أن الآخر لن يقبله، وبعد إلحاح يعرض عليه بديلا آخر فيكسب جولة في الحوار بتقدمه خطوة على خصمه.

ولخصت مجموعة من الباحثين المهارات الشخصية للمفاوض الناجح في ست مهارات رئيسية وهي: «التعبير عن الشعور القوي بطريقة مناسبة، والهدوء العقلي في مواجهة الحدة، والإصرار من دون هدم العلاقة مع الطرف الآخر، وتنمية الصلات من دون التضحية بالأهداف، والحديث بهدوء بطريقة تشجع الإنصات، والاستفسار والإنصات بفعالية».

التفاوض مهارة مهمة جدا في عصر كثرت فيه التخصصات وارتفع فيه مستوى التعليم وزاد عدد المتنافسين في شتى الميادين، فصارت الحاجة إلى من يحسن التفاوض مع هؤلاء ليست ترفا، بل أمر لازم وفن مهم للحصول على مبتغاك!

[email protected]

* كاتب متخصص في الإدارة