لرابع مرة: عبد الوهاب!

TT

فوجئت بسفرجي محمد عبد الوهاب يسأل عني أكثر من مرة. غريبة. اتصلت بمنزل عبد الوهاب. قال لي السفرجي: الأستاذ قال لي أطلبك.. لأن أمه ماتت!

السفرجي يطلبني بإلحاح ليخبرني أن الأستاذ يخبرني أن أمه ماتت. عرفت ما الذي يريده عبد الوهاب. يريد أن أعرف لكي أكتب.. أو لكي ألحق به في البيت. بيته أو بيت والدته. ولاحظت أن أحدا لم يعرف خبر الوفاة، ولكن سوف يعرف ذلك كل الناس. إذن عبد الوهاب يريد شيئا آخر..

ذهبت إلى بيت عبد الوهاب لكي أعرف ومعي مصور. ودخلت غرفة نوم عبد الوهاب لأعرف كيف كانت حالة عبد الوهاب عندما تلقى النبأ. ضحكت. ولكن لا يهم فهذه هي الصورة التي أرادها عبد الوهاب. وجدت صحيفة «الأخبار» وقد فتح الصفحة التي فيها مقالتي والى جوار السرير بطرمان عسل نحل وكوب لم يكمل شرابه من الينسون. ولا لقمة خبز. إذن هي حالة الأستاذ عندما تلقى النبأ.. هو الذي وضع هذه الصورة وأخرجها.. وكنت لا أحب أن أنشر صورة فيها كتابي ومقال لي. ولكن هذا ما أراد محمد عبد الوهاب المخرج السينمائي والصحفي الذي يعرف كيف يصنع الخبر وكيف يخرجه أيضا.

طلبت أم كلثوم وقلت لها. صمتت لحظة وقالت: الباقي هو الله.. وهل قابلت محمد؟ قلت: لا.. عبد الوهاب قال للسفرجي يبلغني الخبر. قالت: البقاء لله..

طلبت عبد الحليم حافظ. قالوا: نائم.

ومن الطبيعي أن نبحث عن صور لوالدة محمد عبد الوهاب. لم نعثر لها على صورة واحدة. اتصلت بابن أخيه المطرب سعد عبد الوهاب. قال: ليست لها صورة. اتصلت بإش إش ابنة عبد الوهاب قالت: لم نر لها صورة..

لم يكن عبد الوهاب حريصا على نشر صورة والدته.. تماما كأبناء الريف. فأنا شخصيا لم أسمح لأحد أن ينشر صورة والدتي المعلقة في مكتبي. إننا أبناء الريف نرى أنها شيء هام جدا لا يخص أحدا سوانا. ونشر صورة أمي عيب. حاولت أن أناقش هذا التحريم على نفسي. لم أخرج بأي سبب. ورأيت إيه يعني أنشر صورة أمي. ولكن بعد المناقشة مع نفسي لم أوافق على نشر صورتها! أستاذنا العقاد لأمه صورة واحدة.. تردد في نشرها. ولما ماتت أمه لم يخبر أحدا فلم ينشر نعيا لها. سألت الأستاذ قال: يا مولانا هذه حالة خاصة. إنها أمي أنا.. ولا تعني أحدا سواي!

ولما ماتت أمي فعلت نفس الشيء. فنشرت صحيفة «أخبار اليوم» في صفحة الوفيات: شيعت جنازة والدة الكاتب الكبير أنيس منصور. وفى الصفحة الأولى صدر قرار بتعيين أنيس منصور رئيسا لتحرير مجلة «آخر ساعة»..

وكنت أتلقى برقيات التهاني والتعازي في وقت واحد!