إيران.. والهلوسة السياسية!

TT

يقول الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في خطبة له في أصفهان، إن الهجوم الذي شنته أميركا، وحلفاؤها العسكريون، خلال الأعوام الماضية على بعض الدول في المنطقة، له أسباب دينية وإن «دافعهم لشن هذا الهجوم والذي لم يصرحوا به، هو علمهم بأنه سيأتي يوم يظهر فيه رجل من نسل آل محمد صلى الله عليه وسلم في هذه المنطقة ويقضي على جميع الظالمين في العالم، والشعب الإيراني من بين أنصار هذا الرجل الرباني». ويضيف نجاد مؤكداً أن «إيران لديها وثائق تثبت ذلك». وبالطبع هذا ليس كل شيء، حيث يقول نجاد إن «المهمة الأولى للمسؤولين الإيرانيين هي بناء إيران، وتتمثل مهمتهم الثانية في الاستعداد للدخول في إدارة شؤون العالم».

فهل هناك هلوسة سياسية أكثر من هذه؟ والسؤال هنا هو إذا كان مثل هذا الحديث ينطلي على مريدي النظام الإيراني، ورئيسه، فكيف يمكن تسويق أفكار طهران، ومشاريعها السياسية، بيننا في العالم العربي، بل وبين بعض النخب الثقافية، والسياسية، ولا سيما من يتعاطون الشأن السياسي، وخصوصا بعض القوميين العرب الذين كانوا يصفون بعض الأنظمة العربية بالرجعية، فكيف يصبحون اليوم، أي بعض القوميين، منظري الهلوسة الإيرانية؟

وهذه ليست المرة الأولى التي يستغل فيها ساسة إيران مثل هذه الهلوسات السياسية، فقد تحدث نجاد من قبل عن الهالة الضوئية التي حطت عليه في نيويورك، قبل عامين تقريباً، وقبل فترة ليست بالبعيدة سمعنا من قال إن سلطة المرشد الإيراني مستمدة من سلطة الله، وبالتالي فمن الواضح أن هذا نهج تستخدمه طهران للعب على المشاعر، وما خفي بالطبع كان أعظم.

كل تلك الهلوسات تأتي وتقريباً نصف الشعب الإيراني منقسم على نظامه، ولا يزال، والدليل حجم التهديد والوعيد الذي يخرج من نظام طهران باستمرار تحذيراً للمعارضة الإيرانية، ناهيك عن قطع الانترنت في إيران، ووسائل الاتصال بالعالم الخارجي.

وعندما نقول الهلوسة السياسية، فإن ما يفعله نجاد، ويقوله من حديث، قد يطرب له بعض مريديه، إلا أنه سيقود إيران إلى كارثة قادمة لا محالة، إذا استمر مسلسل التصعيد الذي نشهده من إيران، وخصوصاً في ملفها النووي، مع المجتمع الدولي، وهو الأمر الذي تسخر له إيران كل قضايا المنطقة، وجبهاتها، مثل غزة، ولبنان. والمعلومات الواردة تقول إن هناك حالة تشنج لدى حزب الله، وقلقاً كبيراً لدى الكثيرين في لبنان من أن جبهة لبنان قد تفتح فجأة في حرب جديدة مع إسرائيل.

ما نريد قوله هنا إنه طالما كان هذا هو منطق الحال في إيران، وهكذا تعالج طهران القضايا السياسية فهذا يدعو للتشاؤم حيال إمكانية حل قضية الملف النووي الإيراني، أو ملفات المنطقة العالقة مع طهران، سواء في العراق، أو لبنان، واليمن، والتدخل في القضية الفلسطينية، بشكل عقلاني، وسلمي، طالما أن السياسة الإيرانية تقوم على الهلوسة، كيف لا ونجاد يقول إن لديه وثائق تثبت أن أميركا استهدفت دول المنطقة لأنها تعلم أن هناك رجلا سيهبط لإنقاذ المنطقة من الظلم.

[email protected]