التغير المناخي.. والرأي العام

TT

استطلاع الرأي العام حول القضايا الدولية يعد من المواضيع المهمة وبخاصة في الدول المتقدمة، ففي استطلاع للرأي العام العالمي حول قضية «التغير المناخي» أجراه برنامج «الرأي العام العالمي» World Public Opinion في الفترة من أبريل (نيسان) إلى مايو(أيار) الماضيين على شريحة من 20,349 شخصا في 20 دولة متقدمة ونامية يمثلون 63 في المائة من سكان العالم، ونشرت نتائجه خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على الموقع الإلكتروني للبرنامج (www.worldpublicopinion.org)، والتي أظهرت تعرض الولايات المتحدة والصين للانتقاد من قبل شريحة كبيرة من عامة الجمهور تجاه طريقة التعامل مع ظاهرة التغير المناخي.

فقد حصلت الولايات المتحدة على 39 في المائة من الإجابات الإيجابية، مقابل 41 في المائة، ولم تصل نسبة المؤيدين للصين حول التعامل مع التغير المناخي سوى إلى 34 في المائة مقابل 42 في المائة.

حيث كشف الاستطلاع وجود أغلبية في 11 دولة تعارض الطريقة التي تتعامل بها الصين مع مشكلة التغير المناخي، وكانت النسبة مرتفعة في 6 دول، هي: فرنسا بنسبة بلغت 74 في المائة، وبريطانيا بنسبة 73 في المائة، وألمانيا بنسبة بلغت 72 في المائة، والولايات المتحدة بنسبة بلغت 69 في المائة، وكوريا الجنوبية بنسبة بلغت 69 في المائة، ومصر بنسبة بلغت 58 في المائة. كما أقرت أغلبية واضحة موقف الصين حول التغير المناخي، ففي باكستان بلغت النسبة 93 في المائة، وفي نيجيريا بلغت 69 في المائة وفي كينيا بنسبة 64 في المائة وفي إندونيسيا بنسبة 55 في المائة.

أما بالنسبة للولايات المتحدة، كانت آراء الأغلبية الساحقة من الأفراد الذين سئلوا عن رأيهم حول تعامل الولايات المتحدة حول التغير المناخي سلبية في 6 من أصل 20 دولة، حيث بلغت النسبة في مصر 68 في المائة وبريطانيا 65 في المائة وفرنسا 62 في المائة وباكستان 62 في المائة وتركيا 56 في المائة.

وعلى مستوى الرأي العام العربي، أعلن «المؤتمر العام السنوي الثاني للمنتدى العربي للبيئة والتنمية» (أفد) الذي عقد في بيروت في الفترة من 19 و20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عن نتائج استطلاع الرأي العام العربي حول التغير المناخي، في 19 بلدا عربيا كجزء من تقريره السنوي، وبينت نتائجه أن أغلبية 98 في المائة تعتقد أن المناخ يتغير، واعتبر 89 في المائة أن ذلك ناتج من نشاطات بشرية، بما فيها الاستعمال المفرط للطاقة واستنزاف الموارد، واعتبر 51 في المائة أن الحكومات لا تقوم بما يكفي للتصدي لهذه المشكلة، وبلغت نسبة الذين قالوا إن التغير المناخي يشكل تحديا جديا لبلادهم 84 في المائة على مستوى المنطقة العربية، كما يعتقد 94 في المائة أن بلدانهم سوف تستفيد من المشاركة في الجهود العالمية للتعامل مع ظاهرة التغير المناخي، وتعهد 93 في المائة المشاركة في عمل شخصي يساهم في حل هذه المشكلة.

هذه الأرقام لها دلالات ومعان كبيرة، من بينها وأهمها تعرض الصين والولايات المتحدة لانتقادات كبيرة بسبب طريقة تعاملهما مع ظاهرة التغير المناخي، وبخاصة أن الصين والولايات المتحدة تعتبران من أكبر الدول التي تنتج أكبر نسبة من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وأن هناك ضرورة عاجلة لقيام حكومات الدول عموما والصين والولايات المتحدة خصوصا بدور قيادي في خفض الانبعاثات المسببة لهذه الظاهرة والتأثيرات المحتملة لقضية التغير المناخي، وبخاصة مع مفاوضات مؤتمر التغير المناخي التاريخي الذي يجري في الفترة من 7 إلى 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن وموقعه الإلكتروني (http://en.cop15.dk)، والذي يهدف إلى وضع معاهدة جديدة لمعالجة الانبعاثات الضارة بالبيئة وتأثيرها بعد انتهاء العمل ببروتوكول «كيوتو» في عام 2012.

الخلاصة.. لقد أصبح هناك ضرورة عاجلة لاتخاذ استراتيجيات دولية فعالة وخطوات جادة وسريعة حقيقية وصادقة تخفف من حدة ظواهر التغير المناخي والاحتباس الحراري وتضمن التكيف معها، عبر تبني سياسات حكومية تروج للسلع والخدمات منخفضة الكربون وذات الكفاءة، التي تساهم في خفض الانبعاثات المسببة لظاهرة التغير المناخي والاحتباس الحراري، يصاحبها أيضا برامج وأنشطة جادة تساهم في توعية الرأي العام العالمي بضرورة إدخال تغييرات نوعية على نمط حياتهم في سبيل خفض تأثيرات التغير المناخي حفاظا على حياتهم وصحة كوكب الأرض ومستقبل البشرية.

*كاتبة وباحثة مصرية في الشؤون العلمية