إيران وديكتاتورية الولي الفقيه

TT

بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما على قيام الثورة، تشهد الساحة الإيرانية حاليا حراكا فكريا سياسيا قويا يقوده رجال دين معتبرون من الحوزة العلمية في قم، وكذلك مثقفون وطلاب جامعات، حيث يدور هذا الحراك حول مبادئ الثورة ورموزها وما حققته من إنجازات.

ويعتبر منصب الولي الفقيه الذي استحدث في عام 1979م أكثر هذه الرموز استهدافاً في هذا الحراك السياسي الديني والشعبي. فقد بدأت أصوات رجال الدين تعلو في نقد الولي الفقيه وقراراته السياسية، بل تجاوز النقد شخص الولي الفقيه إلى المنصب نفسه ومدى صلاحية هذا المنصب في إدارة الدولة. ويمثل آية الله حسين منتظيري أحد أهم المرجعيات الدينية التي تدعو إلى إلغاء منصب الولي الفقيه وأحد المنتقدين الرئيسيين لسياسات علي خامنئي. كما قام طلاب الجامعات في تحد جريء وعلني بإطلاق شعارات سياسية بحق المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي (الولي الفقيه) ومن هذه الشعارات وصفه بالدكتاتور والموت له.

وهذا التحول الراديكالي في نظر رجال الدين والرأي العام الإيراني وخاصة المثقفين منه، نحو الدور السياسي للولي الفقيه في تسيير أمور الدولة، لذو دلالة سياسية واضحة على بداية فقدان هذا المنصب لشرعيته الدينية وصلاحيته السياسية في إدارة الدولة.

لقد كان الولي الفقيه يمثل للإيرانيين مرجعية دينية نزيهة ومحايدة، تعمل على حفظ التوازنات داخل النظام لحماية حقوق الشعب الإيراني ومصالح الدولة، إلا أن الأحداث الأخيرة التي واكبت الانتخابات الرئاسية والتي فاز بها الرئيس أحمدي نجاد بدورة رئاسية جديدة، وما صاحب هذه الأحداث من دعم غير مسبوق ومنحاز للرئيس أحمدي نجاد، من قبل الولي الفقيه علي خامنئي، وما تبع ذلك من تصفية للخصوم السياسيين بالقمع تارة والتخوين والزج في السجون تارة أخرى، بما يتنافى مع التعاليم الدينية التي يمثلها الولي الفقيه، جعلت عددا من رموز الحوزة العلمية في قم وكذلك الرأي العام الإيراني يطرح أسئلة عديدة كبرى حول نزاهة ومصداقية الولي الفقيه في حماية الحقوق والمحافظة على مصالح الدولة.

وتعود جذور هذه التساؤلات المشروعة، خاصة بين رجال الحوزة، إلى العلاقة المتوترة بين الحوزة الدينية في قم وبين علي خامنئي لعدم تمتعه بالمؤهلات اللازمة للحصول على مرتبة عليا بين رجال الدين، بسبب رفض المعهد العالي لإعداد رجال الدين في قم منحه إياها، إلا أنها منحت له بالقوة، بعد محاصرة الحرس الثوري للمعهد في قم عام 1992 م، وبذلك يكون علي خامنئي الولي الفقيه الأول في إيران الذي يخرج من رحم الحرس الثوري وليس من الحوزة الدينية في قم. فهل سيكون الجدل الإيراني أكثر وضوحا في الأيام القادمة، حول شرعية وصلاحية الولي الفقيه كمرجعية سياسية في إدارة الدولة؟ أم أن دكتاتورية الولي الفقيه المدعومة من الحرس الثوري أصبحت واقعاً سياسياً في إدارة الدولة في إيران تحت ظلال السيوف؟