أموت بإيطاليا

TT

البحر المتوسط قلب البشرية وإيطاليا قلب البحر المتوسط. وأنا مفتون بكليهما. المعكرونة والسباغيتي خير الطعام. وإذا دعيت فهيا بنا إلى مطعم إيطالي. وإذا تقاعدت فما من أرض أطيب عندي من إيطاليا. وكفنان أدين لها بجل ما تعلمت، كما يدين لها كل من عشق الفن والموسيقى والأدب. ويا ما تحسرت وقلت آه! يا خسارتي. لم أشتبك بحب امرأة إيطالية.

شيء آخر يجمعني مع الطليان. كرههم للحرب والقتل والعنف وحمل السلاح.

سألوا المارشال بيتان عن سبب استسلامه السريع لألمانيا. قال: «لم يكن بيدنا ما يكفي لدحرها». سألوه: «كم كنت تحتاج لذلك؟»، قال: «خمسين فرقة أخرى». سألوه: «وكم تحتاج لو أن إيطاليا انضمت إلى ألمانيا؟» قال: «أيضا خمسين فرقة!».

ثار القواد الإيطاليون على ذلك واعتبروها إهانة لإيطاليا وكل مجند إيطالي. وعندما شبت الحرب، ابتهلت سيدة ألمانية إلى الله وقالت: اللهم أعطنا أسلحة الإنجليز وتجهيزات الأميركان وجنرالات الروس واجعل الطليان عدونا».

وكانت حكاية من حكايات وطرائف كثيرة عن عدم كفاءة الجندي الإيطالي. الطليان فنانون بالفطرة، وفنانون في التعامل مع الحياة كمتعة لا كمعركة وقاتل ومقتول. استغرقوا أكثر من سنتين للانتصار على الإثيوبيين الحفاة. وعندما مارست المخابرات الإيطالية تعذيب المعارضين للفاشية سقتهم دهن الخروع كوسيلة تعذيب.

ركب عدد من الضباط الإيطاليين في أثناء الحرب في حافلة فرنسية مزدحمة فنادى بهم السائق: «تقدموا إلى الأمام رجاء، تقدموا إلى الأمام. ذوقوا معنى التقدم إلى الأمام!».

وهكذا لم تنتج إيطاليا أي أسلحة كفؤة وجيدة، بما في ذلك الطائرات التي كثيرا ما سقطت بكل سهولة. علق على ذلك أحد الظرفاء فقال: «من يقول إننا شعب جبان؟ انظروا إلى شجاعة رجالنا في ركوب هذه الطائرات».

هاجم موسوليني اليونان ولكن اليونانيين هزموهم إلى داخل ألبانيا. وكانت فاجعة أخرى من فواجعه العسكرية. حاولت السلطات التغطية عليها بنشر ملصقات في القرى الألبانية تشيد بالجيش الإيطالي. بادر السكان إلى تمزيقها ففرضوا عشر دراخمات على تمزيق كل ملصق. في اليوم التالي، وجد ضابط الشرطة أمامه صفا طويلا من السكان يحمل كل منهم عشرين دراخما. سألهم فقالوا، هذه دفعة مقدمة عن الملصقات التي سنمزقها اليوم.

استخدم أحد الضباط خادمة في بيته وعرضوا عليها أجرة زهيدة. قالت: «حسنا، سأقبل بذلك ولكنني سأطالب بعلاوة على سكوتي عندما تشتمون الدويتشي (موسوليني) وقواته الظافرة».

ـ «نحن لا نشتم الدويتشي في هذا البيت ولا نسخر من قواتنا العسكرية».

ـ «إذن فسأطالبكم بعلاوة على سكوتي عما تشترونه من بضائع من السوق السوداء».

ـ «نحن لا نشتري أي شيء من السوق السوداء».

ـ «سأطالبكم بشيء من الرشوة ثمنا لسكوتي عن استماعكم إلى ما تقوله إذاعة (البي بي سي) عن هزائمنا».

ـ «عفوا. نحن لا نستمع هنا إلى أي إذاعات معادية لإيطاليا».

ـ «آسفة. أعتذر عن عدم قبول هذا العمل في هذا البيت. كيف تنتظرون مني أن أشتغل وأعيش مع ناس بمثل هذا الحمق والغباء؟».