ماذا يحدث في ستين عاما؟

TT

توكلت على الله. سوف أعيد إصدار مجلة (الكاتب المصري) التي كان يرأسها أستاذنا طه حسين. وتوقفت عن الصدور من 61 عاما. وقد عاشت ثلاث سنوات. وفى هذه المجلة كان أعظم مفكري مصر هم الذين يحررونها في الأدب والفن والتاريخ والموسيقى. بل إن الفيلسوف الفرنسي سارتر كتب فيها مقالا خاصا عن معنى الأدب.

وبمراجعة هذه المقالات عرفت كيف كان أساتذتنا يفكرون.. وما الذي همهم وأهمهم.

وكانوا متواضعين. فلم يظهر مقال واحد (بقلم) فلان. وإنما جاءت أسماؤهم بحروف صغيرة في نهاية المقال بما في ذلك طه حسين.. بينما الآن كل زملائنا الصغار إذا كتبوا خبرا من عشرة سطور كان السطر الحادي عشر هو الإمضاء. أو كان السطر الأول هكذا: كتب فلان الفلاني. فالمهم هو الاسم أما العمل فلا يهم.

ولذلك صار مألوفا عندنا الآن مئات التوقيعات وعشرات الأعمدة في العدد الواحد..

وكان أساتذتنا أكثر ارتباطا بالفكر الأوروبي. ولم يرفعوا عيونهم ولا سدوا آذانهم عن الفكر المصري والعربي..

أول ما يجب أن أعمله هو ماذا طرأ على الفكر في الستين عاما الماضية ـ تقدمنا؟ تخلفنا؟ أضعنا؟ سحبنا من رصيد أساتذتنا وأجدادنا؟

لقد تغير الذوق العام.. وتعدلت المناهج ومعها أو قبلها القيم الأخلاقية والجمالية. وتغيرت الرموز.. وأصبح من المألوف أن يسأل شباب الأدباء والفنانين عن ماضي الأدب والفن. والإجابة أنهم لا يعرفون ولا يعنيهم. أي أن الماضي لا يهم.. وتجارب الشعوب لا تهم.. والتاريخ لا يهم.. وإنما لهم اللحظة الحالية. فالتاريخ يبدأ بهم. أما ما قبل ذلك فهو الجاهلية أو هو بحر الظلمات أو هو العدم.

هذا هم ثقيل وعبء شنيع وحاضر مخيف. والحل؟

هو أن نكتب ونوضح ونكرر ولا نشعر بالملل ولا اليأس.؟ فاللهم ساعدني!