القمة الـ30 وتحديات الخليج

TT

قد تكون هناك الكثير من التحديات السياسية على أجندة منطقة الخليج في عام 2010 والتي ستكون محل نقاشات في القمة الـ30 للدول الست في الكويت التي بدأت أعمالها أمس، لكن يظل الملف الاقتصادي هو المحك الأساسي في تقييم تجربة مجلس التعاون على اعتبار أن قضايا التكامل والوحدة الاقتصادية هي التي تشكل القاعدة الأساسية للمجلس.

وهي قاعدة عامة في تجارب التكتلات الإقليمية في العالم، وأبرزها تجربة الاتحاد الأوروبي التي بدأت بفكرة السوق المشتركة بين 6 دول، لم تلبث أن توسعت في عدة موجات بعدما تبينت بقية الدول فوائد هذه السوق الجديدة حتى وصلت إلى 27 دولة حاليا. وبعد أن رسخت السوق المشتركة أقدامها، وأصبحت هناك مصالح حقيقية، توسعت الأجهزة والمؤسسات اقتصاديا وسياسيا، وأصبح هناك حاجة إلى ممثلين للسياسة الخارجية ومحكمة أوروبية عليا وقوانين إلى آخر القائمة.

وتجربة مجلس التعاون التي بدأت في غمار الحرب العراقية ـ الإيرانية وما كانت تلقيه من تحديات على منطقة الخليج، صمدت في وجه عواصف سياسية وعسكرية مرت بها المنطقة منذ الحرب الأولى إلى الثالثة، إلى تأثيرات عواصف أخرى في المنطقة العربية الأوسع، والإرهاب والمشاكل مع دول الجوار الأخرى، واقتصاديا حققت الكثير لكنها كما قال رئيس وزراء البحرين في حديثه لـ«الشرق الأوسط» يوم أمس لم تكن سريعة وأيضا لم تكن بطيئة.

وهو أمر يسهل تفسيره، فكما أن هناك مصالح مشتركة، لا بد أن يظهر في أي تكتل بعض التضارب أو الرؤى المختلفة إزاء قضايا معينة، وكان من الطبيعي أن يظهر ذلك في مجلس التعاون، وأن يؤدي إلى تأخير بعض المشاريع، والمهم أن يوضع في إطاره الطبيعي سواء على صعيد المناقشات أو الحلول.

ولو عدنا لاستعارة تجربة الاتحاد الأوروبي، فإن الكثير من المراحل المفصلية في مسيرته أخذت الكثير من الشد والجذب، بدءا من الوحدة النقدية والالتزام بمعاييرها إلى الدستور الأوروبي والاتفاقية الأخيرة التي احتاجت استفتاءات لتمريرها. وحتى في السياسة الخارجية فإن هناك أكثر من صوت، وأكثر من سياسة ورؤى، ومع ذلك فإن العالم يتعامل الآن مع الاتحاد الأوروبي كتكتل يعمل حسابه.

أما النقطة المفصلية التي وصل إليها مجلس التعاون الخليجي حاليا فهي الوحدة النقدية التي تمهد للعملة الموحدة والتي التزمت بها 4 دول فقط من أصل الست، بينما تبذل جهود لإقناع الدولتين المتحفظتين حتى الآن. وهي نقطة مفصلية لأن العملة الموحدة فضلا عن أنها قرار اقتصادي هام جدا، لأنه يضع السياسة النقدية في يد مؤسسة واحدة مشتركة، فهي قرار سياسي أيضا، لأن العملة سياسة، وأحد أدوات السيادة، فضلا على أنه يلزم الجميع بمعايير موحدة أبرزها على صعيد نسب عجز الميزانيات ومعدلات التضخم.

والرهان هو أنه إذا مضى المشروع إلى الأمام بالأعضاء الذين وافقوا عليه، فإنه مستقبلا سيغري نجاح العملة الموحدة الآخرين على الانضمام إليه، كما حدث في أوروبا لليورو.

تبقى قضية أخرى يتعين أن يجري التفكير فيها إزاء طرق دول أخرى مثل اليمن أبوابه طلبا للعضوية، وهي كيف يرى المجلس مستقبله، هل سيظل ناديا مغلقا أو قد يفتح الباب أمام دول أخرى إذا استوفت الشروط.