الوجبة الشهية

TT

عندما يخرج القادم من مطار (ليوناردو دافنشي) في روما، يشاهد أول ما يشاهد في الميدان المواجه للمطار نصبا تذكاريا لأكثر من 12 شخصية، كلهم من العلماء والرحالة الإيطاليين، كانوا قد ذهبوا إلى مجاهل أفريقيا وغاباتها من أجل البحث والاكتشافات، ووقعوا جميعهم أسرى في يد قبيلة، أكلتهم كلهم عن بكرة أبيهم، وأولموا بهم وليمة (معتبرة).. وكان وفاء من بلادهم أن شيدت لهم ذلك النصب تخليدا لمصيرهم في بطون الأفارقة.

وبعد أن مرت الأعوام، ودخلنا القرن العشرين، واستقلت تلك الدولة الأفريقية التي توجد فيها تلك القبيلة التي أكلت الإيطاليين.. ذهب رئيسها في زيارة ودية إلى إيطاليا، وفي أثناء الاحتفال به في عشاء رسمي يتبادل فيه الرؤساء عادة الخطب، يقال إن رئيس تلك الدولة، وكنوع من (الدبلوماسية)، وقف ليعتذر للرئيس وللشعب الإيطالي على ما اقترفه أجداده من أكلهم لأجدادهم. قال لهم: إنني على أتم الاستعداد لإحضار 12 رجلا من أكبر الرجال حجما لكي تأكلوهم إذا كان ذلك سوف يرضيكم.

طبعا ضحك البعض واعتبروها نكتة، بينما تجهم البعض الآخر أو (حامت كبودهم) وعافوا الطعام.. وانطبق على هذا الرئيس المثل القائل: (جا يكحلها عماها).

وهنالك موقف قد حصل لا يختلف كثيرا عن ذلك، حيث زارت حاكمة إحدى جزر أوقانيا لندن، ولما التقت الملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا قالت لها: هل تعرفين، جلالتك، أن دما إنجليزيا يسري في عروقي؟ ففوجئت فيكتوريا بهذا الادعاء، (وشالتها وحطتها بنظراتها من فوق لتحت)، وسألتها بنصف ابتسامة: كيف يكون ذلك؟! فأجابت: إن أجدادي كانوا من أكلة لحوم البشر، وقد أكلوا أحد روادكم المستكشفين، وهو الكابتن (كوك)، وكنت أيامها طفلة صغيرة، وقد أشركوني بالأكل في تلك الوليمة التي لم أجد أطعم منها حتى الآن.

ويقال إن ملكة بريطانيا عندما سمعت هذا الكلام (اللي ينقط عسل) ارتجفت قليلا ثم صمتت طويلا، ولا شك أنها تخيلت مستر (كوك) وهو مجرد من ثيابه ومعقوص في داخل القدر الكبير، ولا شك أنها تساءلت: هل كانوا يفضلونه يا ترى نصف استواء والا على الآخر (ولدن)، وما هي نوعية البهارات التي أعطت الطبخة نكهتها؟.. تنهدت الملكة قليلا ثم أشارت إلى الخادم أن يأخذ الصحن من أمامها.

ومن أغرب الآكلين بروفسور في جامعة هارفرد الأميركية الشهيرة، وكان عبقريا إلى درجة أنه راهن على (أكل قميصه) إذا ثبت أنه أخطأ، وقد حصل، فما كان منه إلا أن أخذ قميصه وأذابه في حمض، ثم عدل الحمض بمادة قلوية، ثم صفى السائل وأخذ المادة المذابة فبسطها على الخبز وأضاف إليها بعض التوابل و(الكاتشب)، وأكلها مع زجاجة من المياه المعدنية المهضمة، ومثلما يقول الفرنسيون: (بون بتي).

[email protected]