أردوغان لم يعد الوسيط المقبول مع سورية.. وساركوزي هو البديل

TT

هو أول درزي يتبوأ مناصب عالية في دولة إسرائيل. وحاليا هو نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي، وعضو في اللجنة المالية للبرلمان. وأسأل مجلي وهبي إذا كان يعتبر نفسه عربيا، فيرد: وهل تظنين أنني إسكندنافي؟ خلقنا وجذورنا عرب، لكن إذا كان سؤالك يهدف إلى الاستيضاح ما إذا كنا على استعداد للتضحية والموت في سبيل القومية العربية، فالجواب هو: كلا.. ويواصل: «نحن نعيش مندمجين في دولتنا، لم نصل إلى ما وصلنا إليه من مساواة بهذه السهولة، وإن كانت لا تزال أمامنا تحديات كبرى، إنما هناك فرق بين أن أكون شريكا في صنع القرار أو أن أكون مهمشا».

يتحدث مجلي وهبي عن الدروز في إسرائيل، يقول: «كان دروز لبنان ولاؤهم لدولتهم، ودروز سورية ولاؤهم لدولتهم، كذلك الحال بالنسبة إلى دروز إسرائيل، فإن ولاءهم لدولتهم. أنا أحترم الدرزي اللبناني المستعد أن يدفع حياته من أجل استقلال بلده، وكذلك احترم الدرزي المولود في إسرائيل ويدافع عن بلده وهو شريك في اتخاذ القرار فيه».

أما عن الدروز ككل فيقول: «نحن مثل طبق النحاس. لن نسمح أن يتعرض الدرزي في لبنان أو في سورية أو في أي مكان في العالم إلى الإهانة. كما لن نسمح بأن يتعرض الدروز، لا سمح الله، لحرب إبادة في أي مكان من العالم». ويشرح لي أن في إسرائيل 130 ألف درزي، وإذا استثنينا النساء والأطفال، يمكن القول إن الـ70 ألف الباقين هم مقاتلون لحماية الكيان الدرزي في سورية ولبنان وأستراليا وأميركا.

يؤكد وهبي أنه يتحدث باسم الدروز في إسرائيل، وباسم العرب واليهود الذين انتخبوه. نال 15 ألف صوت، في حين نالت تسيبي ليفني زعيمة حزب كاديما، الذي ينتمي إليه وهبي، 17 ألف صوت، وكذلك شاؤول موفاز. وعن الدروز في إسرائيل يقول، إنهم موحدون كقيادة سياسية واجتماعية ودينية من أجل حقوقهم والمساواة في دولة إسرائيل.

وماذا عن دروز الجولان؟

يقول: إن غالبيتهم تعتبر أنها ستعود يوما إلى سورية، إنما الاتصالات وثيقة ومستمرة بين الدروز في إسرائيل ودروز الجولان. ويلفتني إلى أمر مثير يقول: إن معدل دخل الفرد الإسرائيلي هو 22 ألف دولار في السنة، أما في الجولان فالمعدل السنوي للدخل الفردي هو 37 ألف دولار «وصحتين على قلوبهم».

يؤدي بنا هذا الحديث إلى المفاوضات بين إسرائيل وسورية، يقول إن سورية تريد استرجاع الجولان، وهدفها تثبيت النظام القائم، لأن وضعها الاقتصادي سيئ. ويتساءل ما إذا كانت سورية تريد السلام فعلا، فكيف تسمح لباخرة مدججة بكل أنواع السلاح (صادرتها إسرائيل) كانت متجهة إلى مرفأ طرطوس والسلاح في طريقه إلى حزب الله. يؤكد أن لديهم أكثر من إثبات عن وجهة السلاح. يعود إلى أن الجدية في المفاوضات بدأت مع حكومة إيهود أولمرت التي توصلت إلى اعتماد الطرف التركي كوسيط في المفاوضات التي استؤنفت حتى وصلت إلى نقطة: «متى سنجلس مباشرة حول طاولة مستديرة ونواصل التفاوض؟»، سورية تحفظت حول التوقيت. ثم وقعت حرب غزة. يقول وهبي: «وتحول صديقنا رئيس الحكومة التركية، رجب طيب أردوغان، إلى شخصية تتحدث بالعاطفة تجاه كل الفلسطينيين، وكثف من تهجمه على إسرائيل وقد استغربنا هذا». ويضيف: «قبل شهر وأثناء زيارتي أنقرة قلت لأردوغان: إن إسرائيل لم تسلم رأسها لأي سياسي في العالم، حتى للولايات المتحدة. وقد وضعنا رأسنا بين يديك، فأتيت وخربت الأمانة التي أعطيناك إياها ولم تكن معتدلا في مواقفك». يقول إن أردوغان حاول أن يفسر «عكس ما رأيناه من رد فعله، وقال إنه انتقد إسرائيل لأنها الطرف الأقوى، فكان أن استفسر منه مجلي وهبي عما فعل رئيس الوزراء التركي عندما وقعت الأحداث في شرق تركيا، كيف تصرف؟ قال له: «نحن لم ننتقدك، تعاملت بطريقتك مع الأكراد عندما شكلوا خطرا على دولتك. الآن أنت خسرت المصداقية كوسيط معتدل ونزيه».

يقول وهبي، إن رئيس البرلمان التركي أبلغه أن هناك معارضة تنمو داخل حزب العدالة والتنمية، الحاكم، في تركيا، وهي غير معنية بمواقف أردوغان، وأن كثيرين في الحزب يركزون على المصالح الاستراتيجية المشتركة بين إسرائيل وتركيا. وأن مواقف أردوغان هي لكسب شعبية، لكنها ليست السياسة التي تخدم تركيا.

في الفترة الأخيرة رددت إسرائيل أنها ترفض تركيا كوسيط، لأنه في اللحظة التي انحاز فيها أردوغان إلى «الطرف الآخر»، انتهت وساطته. ويقول مجلي وهبي، وهو من المعارضة، إن الحكومة الحالية يمينية وتصر على استبعاد تركيا عن دور الوسيط، وتعتبر أن الفرصة التي توفرت أضاعها أردوغان. ويضيف وهبي: «ربما هذا هو تفكير أردوغان الحقيقي، وقد اكتشفنا تفكيره قبل الاستمرار في العملية».

حكومة بنيامين نتنياهو تميل إلى أن الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، هو وسيط أفضل.

لكن، هل تريد إسرائيل إعادة الجولان وما معنى «من دون شروط مسبقة»، يجيب مجلي وهبي، لأن السوريين يقولون إنهم يريدون استئناف المفاوضات «من النقطة التي وصلنا إليها، واتفقنا عليها مع إسحق رابين ومن ثم أولمرت». يضيف: رابين لم يعد بتوقيع، والحكومة السابقة (أولمرت) كانت على استعداد لإعادة الجولان إنما ضمن المفاوضات، أما حكومة نتنياهو فإنها لإعادة الجولان تريد تمرير قانون جديد يتطلب أن يصادق 80 عضوا في البرلمان على تغيير قانون الجولان الحالي (ضمه إلى إسرائيل) وهذا يعني التصعيد، ويضيف وهبي: قد تكون حكومة نتنياهو تريد المفاوضات، لكن السؤال هو إلى أي مدى هي مستعدة للتوصل إلى نتيجة تقضي بإعادة الجولان!

وينصح وهبي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) بالتخلي عن التذرع بالحجج والعودة إلى المفاوضات، لأن ما حصل عليه الفلسطينيون في المفاوضات منذ عام 1994 حتى اليوم، لم يحصلوا عليه طوال المائة عام من النزاع المسلح. يقول إن العالم اليوم يتعاطف مع الفلسطينيين، وإذا لم يستغلوا هذا الأمر تستمر إسرائيل في سياستها. ويمكن أن تمرر حكومة نتنياهو أربع سنوات من دون القيام بشيء، لكن الخاسر سيكون الشعب الفلسطيني.

إذن، هذه الحكومة باقية طوال هذه المدة؟ يوضح: «هذا يعتمد على ما سيحدث مع وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان في المحكمة المقررة له في الشهر الأول أو الثاني من العام المقبل، المستشار القانوني للحكومة سيعلن عما إذا كان سيقدم ليبرمان إلى المحكمة أم لا بخصوص عدد من القضايا. فإذا قدم إلى المحاكمة، سينسحب من الحكومة هذا أولا، ثانيا: إن حزب العمل الآن هو الأضعف بين الأحزاب، وقد يتعرض لانقسام، والبديل عندها واضح أي كاديما. إذا طلب نتنياهو من كاديما الانضمام إليه فإن هذا سيؤدي إلى تغيير الخطوط العريضة لحكومته، وإلا فإننا لن نشارك. سياستنا واضحة: حل النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وحل النزاع العربي ـ الإسرائيلي. شروطنا تغيير سياسة الحكومة الحالية. إذا رفض نذهب إلى الانتخابات، نحن البديل، إننا الحزب الأكبر والشعب سيعطينا ثقته».

وبعد أن يشير وهبي إلى أن المستوطنين لا يتجاوزون الـ300 ألف نسمة من أصل 7 ملايين مواطن في إسرائيل، وأن الجدار وسيلة وليس قاعدة ثابتة، ولولا العمليات الانتحارية لما وجد، وإذا حل الهدوء يزال الجدار فورا، يقول، إنه لولا الجندي جلعاد شاليط ما خاضت إسرائيل مفاوضات مع حماس، لكن هذا لا يعني أن «حماس ستحصل على ما تطلبه، لأن نقاشا حادا يدور في المجتمع الإسرائيلي والتساؤل هو: هل مقابل هذا الجندي نطلق سراح ألف سجين، وماذا إذا تحول الأمر إلى طريقة في المستقبل لخطف جنود إسرائيليين. لقد خسر الشعب الإسرائيلي 25 ألف جندي، فلماذا ندفع هذا الثمن مقابل جندي واحد. لهذه الأسباب لا تزال المفاوضات حول تبادل الأسرى معطلة».

لكن، قد يفسح هذا التبادل لإطلاق سراح مروان البرغوثي، فهل إسرائيل مستعدة للتفاوض معه؟ يقول: إنها مستعدة للتفاوض مع أي شخص ينتخبه الفلسطينيون.

أسأله: وماذا إذا انتخبوا خالد مشعل رئيسا؟ يجيب: عندها يكون الفلسطينيون اختاروا طريقا آيديولوجيا لن يوصلهم إلى أي مكان وتخلوا عن طريق الدولة الفلسطينية!