هل من أميركي هنا؟

TT

بائع الكستناء عند شارع 56 والجادة الخامسة، مصري. كيف تعرف؟ من الشعر الأجعد، ومن الأغاني العالية الصوت حتى أعلى طابق في أعلى مبنى في نيويورك. وعند كل شارعين وجادة، بائع كستناء، وأحمد عدوية، و«بحبك يا حمار». والمغني الواقف على الناحية الأخرى من الناصية، جامايكي، من بلاد هاري بيللفونتي. كيف تعرف؟ من الآلة الموسيقية: بزق على قانون على بوزوكي يوناني على عود. الخلاصة، شيء كاريبي. والصيدلي في الزاوية التالية، هندي من أوتار برادش. وخلفه شقيقه. وإلى جانبه زوجته، الصيدلية هي أيضا. كيف تعرف؟ من هز الرؤوس يمينا ويسارا. يس مستر. وبائع الخضار كوري. ومعه ابن عمه. وابن عمه معه ابنه الأكبر. كيف تعرف؟ جميعهم يرفضون الابتسام خوفا من أن تكون مهاجما. وبائع الثياب؟ صيني يعمل لدى إيطالي. الأول يبيع خدماته والثاني يبيع اسمه. والاثنان يصنعان الثياب في بنغلادش. وسائق التاكسي من عجلون، مرة بقاف أردنية ومرة بكاف فلسطينية. وبائع الخبز يمني، من عدن أو من صنعاء أو من الحديدة. لا تسأل. جوابه واحد: إن شاء الله. والشرطي، شرطي السير، من بورتوريكو. أسرِع. حاذر الضوء الأحمر، بالإسبانية طبعا. وبائع الصحف من كولومبيا: نو سبيكنغ إنغلش سنيور. وبواب الفندق من غامبيا، يحضر الفضائيات العربية، ويأسف جدا لأحوالكم أنتم العرب.

وموظفو الاستقبال، فرناندو، من فيرونا، ضيعة روميو وجوليت، وجون مايرز، من غانا، وفيلليبي، من الإكوادور، وبيلار، من مدريد. بيلار كوراسكو، هنا منذ عشرين عاما، فرناندو غادر فيرونا منذ عشرة أعوام، جون مايرز لم يحصل على إذن العمل حتى الآن. ابن خالته يتولى المسألة في دائرة النفوذ، في بروكلين.

المطعم، على الجادة الخامسة، يدعى «iLLi». لا أعرف ماذا يعني الاسم ولا بأي لغة. لكنه المطعم اللبناني. فلافل وتبّولة وحمص. لكن لا فيروز ولا وديع الصافي. إنه مطعم الجيل الجديد من اللبنانيين والنيويوركيين: حمص ومايكل جاكسون. تبولة و«روك آند رول». فلافل على «راب». أقصى ما يمكن الحصول عليه من أثر عربي هو «الشاب خالد». اسمع مني وخليك على الراحل جاكسون.

لم يصادف أنني التقيت أميركيّا في نيويورك حتى الآن. وعندما سألت إن كان لا يزال من الممكن العثور على أحدهم، قيل طبعا، عليك بالبيت الأبيض. وعندما حاولت التحقق قيل لي، أجل، ثمة أميركي هنا، ولو أنه يحمل اسما من أفريقيا. وكان ذلك مسليا حقا.