رسالة صباح الأحمد!

TT

توقف الحضور كثيرا أمام البروتوكول الجديد الذي أرساه سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في كلمته الافتتاحية لقمة مجلس التعاون الخليجي الثلاثين عندما قال: «أخي العزيز خادم الحرمين الشريفين.. إخواني الأعزاء أصحاب الجلالة والسمو.. ». وتساءل الكثيرون من المراقبين والرسميين عن مغزى هذا الترتيب، هل هو خطأ بروتوكولي أم هي رسالة أم تقليد جديد؟ وحبس المتسائلون أنفاسهم في انتظار ما سيقوله الأمير في كلمته الختامية في اليوم التالي، هل سيعدل من الترتيب، أم سيستمر على ذات النهج؟ وفي الجلسة الختامية، كرر الأمير التحية نفسها «أخي العزيز خادم الحرمين الشريفين.. إخواني الأعزاء أصحاب الجلالة والسمو.. ». إذن الموضوع ليس خطأ بروتوكوليا، كما ظن البعض، وكيف يكون؟ والتحية قادمة من رجل خدم بلاده كوزير للخارجية أكثر من ثلاثين عاما، وهو الملم بكل البروتوكولات العالمية، وهو عميد الدبلوماسية العربية، إذن في الأمر رسالة وربما رسائل، فما هي تلك الرسائل؟

ظني أن هناك ثلاث رسائل فيما قال الأمير: الرسالة الأولى موجهة للعالم العربي وللتجمع الخليجي، وربما للعالم أجمع، وهي رسالة مفادها «أن عبد الله بن عبد العزيز هو قائدنا»، أو أن المملكة هي ثقل مجلس التعاون، أو «هي عكاز المجلس» كما قال أمين المجلس العطية. إذن المملكة العربية السعودية هي قائدة المنظومة الخليجية، وفي هذا السياق جاء دعم المجلس للسعودية ضد من يهددون قدسية حدودها. إذ قال أمير الكويت، وبوضوح لا لبس فيه «إن ما تتعرض له المملكة العربية السعودية الشقيقة من عدوان سافر يستهدف سيادتها وأمنها.. أمر مرفوض منا جميعا، ولذلك فإننا نجدد استنكارنا وإدانتنا لهذه الاعتداءات والتجاوزات، مؤيدين وداعمين أشقاءنا في كل ما يتخذونه من إجراءات للدفاع عن سيادة وأمن المملكة.. منوهين بحكمة أخينا العزيز خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في توجيهاته السديدة، حيال التعامل مع هذا العدوان، ومؤكدين بأن أي مساس بأمن واستقرار المملكة، يمثل مساسا بالأمن الجماعي لدول المجلس» ظني أن هذا تصريح لا لبس في أي كلمة فيه.

أما الرسالة الثانية فهي رسالة حضارية تقول للعالم إنه وفي البروتوكول العربي الإسلامي يسمو لقب خادم الحرمين الشريفين فوق كل ألقاب الملوك والسلاطين، وظني أنه ليس بيننا من يحاجج أمير الكويت المخضرم في البروتوكول في ترسيخ هذا المعنى الجديد. إذن في الإصرار على تكرار التحية للحضور بهذا الترتيب البروتوكولي في جلستي الافتتاح والختام، يريد عميد الدبلوماسية العربية أن يقول إن لديه اعتزازا حضاريا بمعاني التشريف بخدمة مقدسات الإسلام، وإعلائها فوق كل الألقاب الأخرى، والجماهير التي تعتز بدينها ومقدساتها تشاركه الرأي. هكذا عرفت من ردود أفعال من قابلتهم في الكويت.

الرسالة الثالثة هي كويتية واضحة، بأن فيها تقاربا قويا بين المملكة والكويت وربما لمواقف، البعض منها معلوم كدور المملكة في تحرير الكويت، والبعض لا نعرفه، والتي يبدو أن سمو الشيخ صباح أراد توصيل الشكر عليها في العلن. وقد كان ذلك واضحا في تضمين كلمته الافتتاحية تهنئة «خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، بعودة الأخ العزيز علينا جميعا صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود».

الملك عبد الله بن عبد العزيز ودوره في هذه القمة والقمم الأخرى أثبت أنه رجل البناء، مقابل القوى التي تحاول الهدم، كان واضحا في قمة المصالحة العربية في الكويت منذ عامين، وفي قمة مجلس التعاون المنصرمة للتو، أن الملك هو ميزان هذه القمم، يحاول كل جهده أن يجعلها تنتهي لما فيه مصلحة الأمتين العربية والإسلامية، وهذا أمر لا يخطئه صغير أو كبير في العالم العربي، لذا كانت رسائل الأمير.