زخم جديد لأفغانستان

TT

اجتمع وزراء خارجية 44 دولة مشاركة في الحملة التي يقودها «الناتو» في أفغانستان لمناقشة سبل تطوير المهمة، إذ لم يكن العام الحالي عاما سهلا بالنسبة لأفغانستان أو الدول المشاركة بالقوات، لكن مرحلة جديدة من الجهود الدولية تبدأ بالفعل الآن.

وقد ألقى الرئيس الأميركي باراك أوباما خطابا مهما حدد فيه استراتيجية الولايات المتحدة لهذه المهمة، وقدم التزاما جوهريا بتقديم الموارد التي من بينها 30.000 جندي، وأوضح للمشككين أن الولايات المتحدة عازمة على الاضطلاع بدورها لإنفاذ المهمة.

لكن هذه ليست حرب الرئيس أوباما وحده، فنحن جميعا نواجه التهديد نفسه الذي يظهر في أفغانستان: تهديدات الإرهاب والمخدرات والتطرف. وهذا هو جهد التحالف وسوف ننهيه معا. وفي اللحظة الراهنة من تطور عمليتنا سيعرض «الناتو» وحدته وقوته مرة أخرى.

سيشهد عام 2010 زيادة جوهرية في عدد قوات الدول الأعضاء في «الناتو» غير الولايات المتحدة بخمسة آلاف جندي أو ربما بضعة آلاف أخرى، يأتي ذلك كزيادة لـ38.000 جندي غير أميركي موجودين في الوقت الحالي في أفغانستان، لكن الأمر لا يتعلق فقط بعدد القوات، بل بالاستراتيجية. واستراتيجيتنا واضحة، وهي نقل مسؤولية إدارة البلاد إلى الأفغان بأسرع ما يمكن.

ويعني ذلك انتقالا تضطلع فيه القوات الأفغانية بدور القيادة وتقوم فيه قواتنا بدور المساعدة. وأنا أمارس ضغوطا على الحلفاء والشركاء لتمويل وتقديم الموارد لحملة تدريبنا. وتلك هي الكيفية التي سنجعل بها الانتقال إلى القيادة الأفغانية حقيقة. وأنا على ثقة من أن الشعب الأفغاني والدول التي قدمت جنودا في الحملة عندما يرون هذا الانتقال قد حدث، والذي يتوقع أن يبدأ العام المقبل، سيشهدون تقدما يدفعهم للاستمرار في دعم هذه المهمة.

ولكي أكون واضحا، فإن الانتقال ليس مفتاح استراتيجية الخروج، ولكنه يعني الانتقال إلى دور مختلف. في البداية سيبدأ جنودنا بالشراكة مع القوات الأفغانية على كل المستويات؛ بدءا من الميدان إلى المقرات للحصول على المعرفة التي يحتاجونها للوقوف على أقدامهم. وعندما تتحسن الأوضاع ـ عندما تتوفر لدى القوات الأفغانية القدرات والثقة ـ سننتقل إلى الخطوة التالية التي ستضطلع فيها القوات الأفغانية بدور القيادة في التخطيط وتنفيذ العمليات من خلال دعم قوات «الناتو» لها. ذلك هو الطريق الأنسب لتحديث المهمة، وأنا على ثقة من أن بمقدورنا البدء من العام القادم.

وقد ناقش وزراء الخارجية ذلك، لكن المحادثات لم تقتصر على العملية العسكرية، فسيركزون انتباههم على الاستراتيجية السياسية بصورة أشمل وما نتوقعه من الحكومة الأفغانية. فالحكم الجيد هو أفضل السبل لإغلاق منفذ الأكسجين عن طالبان. فنحن مَن التزم بالمهمة، ومن ثم فإن لدينا الحق في أن نصر على تحقيق هذا الشرط.

وقد ألقى الرئيس حميد كرزاي العديد من الخطابات المهمة والواضحة التي لقيت ترحيبا، وقد أسعدتني التحقيقات حول الفساد التي تجري الآن، إذ إنها ستسهم في بناء مصداقية يحتاج الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي مشاهدتها، وسيكون المؤتمر الذي تشهده لندن في يناير (كانون الثاني) خطوة مهمة في هذا الشأن لتؤسس لعقد جديد بين الحكومة الأفغانية والمجتمع الدولي.

أنا على ثقة من أن المجتمع الدولي سيشهد زخما جديدا في هذه المهمة. حيث تركز الزيادة في عدد القوات البرية على الدفاع عن الشعب الأفغاني. كما سنبدأ في تسليم قيادة المسؤولية الأمنية إلى القوات الأفغانية منطقة تلو الأخرى حيثما تسمح الظروف. وستكون هناك التزامات واضحة من قبل الحكومة الأفغانية لنيل دعم الشعب الأفغاني، كما سيكون هناك المزيد من مساعدات التنمية، وستبدأ بخمسة مليارات تعهدت بها اليابان، ويزداد الجانب المدني من هذا الجهد الشامل بشكل كبير ليس عبر خطة عمل الاتحاد الأوروبي بمفرده.

عندما يتحقق ذلك في نهاية الأمر؛ عندما يأتي أحد أفراد طالبان إلى شاب ويسأله أن يقاتل لصالحهم ماذا سيقول والده؟ إذا رأى أن طالبان ليس لديها فرصة الفوز، وإذا رأى أن حياته تتحسن، وإذا وثق في حكومته، فسيرفض من دون شك. وسيخسر التطرف.

الأمر بسيط، وتلك هي الشروط التي ينبغي علينا خلقها، وخلال العام المقبل سنبدأ في رؤية الضوء في آخر النفق.

*الأمين العام لحلف شمال الأطلسي.

*خدمة «واشنطن بوست».

خاص بـ«الشرق الأوسط».