كلام روزنامة

TT

اليوم الجمعة، يوافق أول يوم من السنة الهجرية الجديدة 1431، الأول من محرم، وبعد المباركة للجميع، أتوقف قليلا عند دلالات التاريخ والأيام في سجل الروزنامة أو الكلندر أو التقويم..

دلالته بالنسبة للسعودية شديد الأهمية، لا لأنه بداية السنة الهجرية، وهو التقويم الرسمي للبلد، فحسب، رغم أهمية هذا السبب، بل لأنه اليوم الذي أصبح بداية فصل من صراع التعصب الديني مع المجتمع والدولة، إنه يوم احتلال مجموعة من الغلاة للحرم المكي مدة أسبوعين تقريبا، فيما عرف بحركة جهيمان (محرم 1400).

وهي الحركة التي كانت تقول إنها قامت نصرة للمهدي المنتظر الذي يخرج آخر الزمان ويبايع له بين الركن والمقام، وقد نجحت الدولة في إنهاء هذا التمرد الديني، وتخليص الحرم المكي من الغلاة.

ليس هذا هو الموضوع في هذه المساحة الصغيرة، وقد سبق لكاتب هذه السطور، أن دون مقالة من حلقتين بمناسبة مرور ربع قرن على حركة جهيمان (ربع قرن على حركة جهيمان: ماذا بقي وماذا فني؟ فبراير 2004) وقبل أيام تحدثت وسائل الإعلام كثيرا عن مرور ثلاثين سنة على الحركة وخصصت قناة «العربية» حلقة من برنامج: صناعة الموت، عن ذلك، وكتبت كتب ومقالات ودراسات.

كل هذا شيء حسن، ودلالة نضج وثقة، خصوصا إذا ما تم تناول الأحداث والتاريخ بحس المسؤولية والتقصي الموضوعي، لا بغرض الإثارة الفارغة.

في السعودية، وغير السعودية، هناك محطات تاريخية وأحداث مهمة آن لنا أن نراها في مرآة التناول الموضوعي وفتح الصفحات التي تكشف وتشفي. أحداث التاريخ وصفحاته لا يستطيع أحد شطبها أو محوها، وخير أن يتم تناولها في العلن والنور، لتحظى بالنقد والتقويم من أن تظل حبيسة الأوهام في الظلام.

في مصر تم مؤخرا، رقمنة آلاف الوثائق من أيام دولة أبناء محمد علي باشا، بضمنها وثيقة تتعلق بنفي عرابي باشا، بتوقيع الخديوي توفيق، لدينا في العراق مراحل الهيمنة البريطانية والعثمانية وصولا إلى نهاية صدام، كذلك الأمر في سورية وإيران. وليت الحكومات العربية تفرج، على الأقل بعد مرور ثلاثين أو خمسين سنة، عن الوثائق التي تملكها حول الأحداث والشخصيات المهمة، فالحكومات العربية هي أكبر أرشيف تاريخي ثمين للمنطقة، أعرف أنه لا يمكن الإفراج عن كل الوثائق ولا حتى عن أغلبها، وأتفهم ذلك، ولكن على الأقل الإفراج عن الوثائق التي ترى الحكومات نفسها أنه لا مشكلة في الإفراج عنها.

إذا ما حدث ذلك فسيكون الأمر دليلا عمليا على وصول المجتمعات العربية لمرحلة النضج والثقة، وسيكون تقويمنا أو روزنامتنا ثرية وغنية.. ومرآة لدرس الأيام.

[email protected]