قمة الكويت.. المقترح القطري

TT

انفضت القمة الخليجية في الكويت يوم الثلاثاء الماضي، وصدر عنها جملة قرارات، كما تم تدشين الربط الكهربائي المشترك بين دول المجلس، وهو أمر مهم وحيوي، ومن القرارات المهمة ايضاً تأسيس قوات عسكرية للتدخل السريع، ودخول اتفاقية الاتحاد النقدي حيز التنفيذ، مع إدانة الاعتداء الحوثي على الأراضي السعودية، ودعم وحدة اليمن، إلى تجاوز «مطب» اختيار المرشح البحريني للأمانة العامة.

وجميع ما سبق أمر جيد، سواء ارتقى إلى طموح أبناء المجلس، أو لا، لكن يبقى هناك أمر آخر يستحق التوقف عنده، وهو المقترح الذي تقدمت به قطر بشأن إنشاء بنك تنموي مشترك لدول مجلس التعاون. وبحسب ما يوحي به البيان الختامي فإن المقترح قد أحيل للدراسة.

ولهذا المقترح أهمية كبرى فيما إذا أرادت الدول الخليجية أن تجعل تحركها المالي ذا جدوى، وتأثير، وخير مثال هنا اليمن، فما معنى دعم دول المجلس لاستقرار اليمن، وكيف سيكون ذلك، طالما أن اليمن يواجه صعوبات من شأنها زعزعة استقرار أي دولة، فهناك «القاعدة»، والحوثيون، وكذلك الانفصاليون، والفقر الناتج عن أوضاع اقتصادية مزرية، وخطورة اليمن أنه خزان مشاكل، ولو انفجر فلن تسلم منه دول المجلس، وبالتالي فإن من شأن بنك من هذا النوع أن يقوم بدور مهم بدعم اليمن واستقراره، ومن خلال آلية جدية، لا منح أو هبات لا أحد يعلم إلى أين تذهب!

وقد يقول قائل إن المقترح القطري يتحدث عن بنك تنموي لأبناء المجلس، وهذا صحيح، ولكن القادة الخليجيين يعلمون أن ليس بإمكانهم تجاهل اليمن لأسباب جغرافية، وسياسية، وأمنية، واليمن هو الضلع الناقص في المجلس. ورأينا كيف أن إهمال اليمن قد أدى إلى فتح جبهة عسكرية على السعودية، ويخطئ من يعتقد أن الرياض هي المستهدف الوحيد، فالمسألة أكبر من ذلك بكثير.

كما أن وجود بنك خليجي للتنمية من شأنه أن يوحد الجهود السياسية، فليس من المنطقي أن يعلن المجلس دعم اليمن مثلا، بينما تقوم دولة خليجية بممارسات، أو جهود، معاكسة، لما تقوم به الدول الخليجية الأخرى. والأمر الآخر أن من شأن ذلك البنك أن يسد ثغرة خطرة في المنطقة، وهي الأموال الإيرانية المتسربة إلى دولنا الخليجية تحت واجهات مختلفة، وتحت ذرائع واهية، ولذا فقد يسد البنك التنموي تلك الثغرة، ويحمي دول المنطقة من الاختراق، شريطة أن تكون له آلية، أي أن يكون للبنك أنياب ومخالب، للتحصيل، وضمان الاستخدام الأمثل للأموال.

وقناعتي أن لهذا الاقتراح أهمية كبرى، فقد يتطور إلى أن يكون هو الذراع المالي الحقيقي لدول المجلس، ليكون لكل مبلغ خليجي مدفوع ثمن حقيقي، ولذا فإن مثل هذا المقترح يستحق الإسراع في التعامل معه، لا إحالته للدراسة فقط، فتعبير «إحالته إلى الدراسة» يعني بالذهنية العربية وأد المشروع.

وكما أسلفنا، فإن اليمن خير مثال على حاجة دول المجلس للتدخل المالي، والسياسي أيضا، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في اليمن، بل وإنقاذ دولنا من خطر ما يدور هناك.

[email protected]