مهرجان من السماء!

TT

«ارتدِ ملابس ثقيلة جدا. واشرب شيئا ساخنا. وانبطح على ظهرك عند منتصف أية ليلة حتى يوم 18 من الشهر الحالي. وانظر إلى السماء لترى عجبا»..

ليست هذه نصيحتي وإنما نصيحة هيئة الفضاء الأميركية (ناسا). لماذا؟ لأن مهرجانا من الألعاب النارية سوف تراه في جو الكرة الأرضية.. سوف تتساقط أحجار بواقع ثمانين حجرا كل ساعة، هذه الأحجار لها اسم هو «جميلة»، وهي مخلفات إحدى النجميات التي ظهرت في القرن التاسع عشر، وسوف تدخل جو الأرض وتتحول إلى ذرات، ولكنها سوف تبدو كنافذة متدفقة من السماء. ويمكن رؤيتها بوضوح في نصف الكرة الشمالي في الساعة الثالثة صباحا بتوقيت غرينتش.. وسوف تظهر في أوقات أخرى طوال هذا الأسبوع..

ارتكبت هذه الحماقة.. فأنا الذي أتصف بهذه الصفة، لأني لا أتحمل برودة الجو، ويكفي أن تذكر كلمة البرد لكي أصاب بالزكام فورا، وكنا زمان نكتة المجتمع القاهري: سعد عبد الوهاب وأنا. ومع ذلك قد أخذت بطانية من الصوف اشتريتها أخيرا، وتحت البطانية بالطو، وتحت البالطو رُوب، وتحت الروب بول أوفر، واثنتان من الفَلِنّات، وإلى جواري وعاء به كاكاو ساخن. وارتميت على السطح، ومعي اثنان من الحراس حتى إذا أصابني برد أو زكام جعلني عاجزا عن الحركة.. ساعداني..

ووضعت على عيني عدسات مكبرة. ورأيت شيئا مضيئا كأنه ماء ينساب بقوة ثم يتلاشى. وبس. وقد نصحت هيئة الفضاء الأميركية أن المشهد سوف يتكرر كل ساعة، وفي كل ساعة يسقط على جو الأرض ما بين ستين إلى ثمانين نيزكا صغيرا..

هذه النيازك هي بقايا نجيم اسمه «فيتون»، وهو عبارة عن مذنب طويل من الأحجار والتراب والجليد والغازات يدور في فلك يتقاطع مع فلك الأرض..

ويرى أطباء الفلك أن مثل هذه النيازك هي المصدر الحقيقي لكل مصائب كوكب الأرض. فهي تحمل كائنات مجهرية؛ بكتيريا.. جراثيم.. فكل ويلات الأرض تجيء من فوق، لا مرة في السنة، ولا في الشهر، وإنما في كل لحظة. حول الأرض وحول الشمس ما لا نهاية له من بقايا الانفجار العظيم، يدور حول الشمس ويتهاوى من ألوف ملايين السنين..

«آتس. آتس»، هذا صوتي وأنا أعطس. ولكن لست نادما على الفرجة الفلكية البديعة. ففي استطاعتك أن تصاب بالزكام في أي وقت! لا تتردد!