سنة.. خلصت!

TT

يصادف هذا العام تقارب شديد في تواريخ نهاية السنتين الهجرية والميلادية، ومع نهاية السنة تكثر «ثقافة الاسترجاع» فيبدأ الناس في مراجعة أبرز أحداث السنة، فيترحمون على من رحل عنهم ويحاولون الاستفادة من أبرز ما مر بهم من أحداث.

وهذه السنة شهدت أزمات مالية عاصفة وشديدة أودت بالثروات وأعادت هيكلة مصائر دول وشركات وأفراد. وهي سنة شهدت كوارث وأمراضا غريبة وترت الناس وأصابتهم بالهلع والقلق غير المسبوق. وهي سنة شهدت حروبا جديدة وخلافات مريرة.. سنة عموما كانت «ثقيلة» محملة بالأخبار «الشينة» التي لم ينشرح لها الصدر. ستخصص الأخبار والمجلات والصحف أعدادا خاصة لتبرز أهم الصور وأقوى الأحداث وشخصيات السنة، وستصدر أيضا أهم توقعات السنة القادمة وأبرز الاتجاهات التي تستحق المتابعة كعادة الإنسان في اتباع غريزته في استشراف المستقبل.

إسرائيل بقيت على حالها وتطرفها ورفضها لصوت السلام وتمارس عنفها وعنصريتها وتزيد في توسعها الاستيطاني ونزع ممتلكات الفلسطينيين وتعدياتها السافرة على الأقصى وباقي المدن الفلسطينية. سوء الإدارة في العالم العربي لا يزال دون علاج حقيقي وهي مسألة تساهم بشكل واضح في إضعاف الخطط التنموية والإقلال المؤكد في فعاليتها طالما بقيت المسألة دون مساءلة ولا معاقبة. التعليم قضية جوهرية بحثت مسائلها مرات عديدة ولكن المنتج التعليمي لليوم هو دون الطموح وأقل من المرغوب، والمنظومة القضائية تعاني هي الأخرى من تداعيات خطيرة سواء من الجانب الكمي والمتمثل في ندرة وقلة الكفاءات الإدارية في السلك القضائي المؤهل الذي من شأنه أن يزيد في تحسين معدلات حركة القضايا المعطلة أو من الجانب النوعي والمتعلق بالقدرات والمؤهلات والمهارات والإدراك بالأساليب والتطورات المستحدثة في مجالات مختلفة ذات العلاقة.

هناك قناعات أن سنة 2010 ستكون سنة تطور ايجابي في سورية ولبنان تحديدا نتاج الحراك السياسي الذي سيلحقه تطور اقتصادي مباشر، وأما السودان فالكل يراقب بقلق شديد كابوس الانفصال وغمامة التدخل الخارجي وتبعياته على جغرافية البلاد، وهو قلق في محله لأن الوضع مقلق في السودان. اليمن ملف محموم تم فتحه وتداعيات الوضع فيه مدعاة للخوف وملامح الأيام القادمة لا تطمئن، والوضع هذا يفتح شهية كل من يرغب في رفع «رايات» و«شعارات» لأجل الاستهلاك العام والأمثلة المؤيدة لذلك شديدة الوضوح.

إسرائيل ستستمر في عنادها وترفض كل حوارات ومبادرات السلام لعدم وجودة «قوة فعالة» تستطيع التأثير عليها وان تتسبب في إحراج الحكومة وهز المعارضين لنهج السلام وبالتالي سيبقى الوضع على ما هو عليه. دول الخليج يبدو أن الهم الاقتصادي فيها هو المسألة الأكثر دقة؛ فأسعار النفط مرشحة للاستقرار بل وحتى الصعود، إلا أن القطاع المصرفي اهتزت الثقة فيه لغياب الشفافية وانتشار المحسوبية في بعضه ونتاج ما حدث من قبل انهيار الشركات في دبي وتداعيات قروض مجموعة «سعد» والقضايا التي تلاحقها.

البنى التحتية وحوادث تداعيات السيول ومآسى الصرف الصحي وضحايا حوادث تصادم القطارات والمشاكل الصحية، واضح أنها مستمرة ما لم يحدث الحسم الحقيقي المطلوب ليضع حدا للتكرار المستقبلي لهذه المسائل، وهذا لن يتأتى إلا باختيار أهل الكفاءة ومنحهم الصلاحية ووضع سبل لمراقبة الأداء ومنهجية للثواب والعقاب وتطبيق كل ذلك بحسم وعدالة. إلى أن يحين كل ذلك نبقى على الأمل وكل عام وانتم بألف خير.

[email protected]