حسناً فعل الإيرانيون بالعراق!

TT

هذا العنوان ليس للاستفزاز، بل هي الحقيقة، فمن الممكن النظر لاحتلال طهران لبئر نفطية عراقية تقع داخل الأراضي العراقية بمسافة 300 متر قبل أمس من زاويتين؛ الأولى دولية، والأخرى عراقية، وما يهمنا هنا هو الزاوية العراقية.

فالتحرك الإيراني داخل الأراضي العراقية، من خلال احتلال بئر الفكة النفطية ورفع العلم الإيراني عليها، يأتي في وقت يشهد فيه العراق عملية فرز انتخابي عالٍ، حيث التحالفات الحزبية، وكذلك التكتلات على مستوى قيادات عراقية سياسية معروفة، وقبل هذا وذاك هناك الاصطفاف الطائفي الذي يشكل جزءاً كبيراً من المشكل العراقي. كما يأتي هذا الحدث في وقت تمر فيه بغداد بعلاقات دبلوماسية سيئة مع محيطها العربي والسبب ارتماء حكومة بغداد بأحضان إيران.

ولذا فإن 11 جندياً إيرانياً، عدد من قاموا باحتلال البئر العراقية، يكونون قد قدموا خدمة مهمة للعراق والعراقيين، من حيث لا يشعرون، فهذا الاحتلال الإيراني لبئر عراقية جاء بمثابة كشف حساب للبعض في العراق اليوم، فمن خلاله سيعرف العراقيون مَن مِن ساستهم حريص على مصلحة العراق، ووحدة وسلامة أراضيه، ومستعد للدفاع عنه، ومَن مِن الساسة الذي سيبلع لسانه ويصمت أمام الاعتداء الإيراني الجديد، أو قد يحاول التبرير والفذلكة.

فالمتابع الدقيق، والمطلع، يعرف أن الإيرانيين ينخرون في العراق كما ينخر السوس في الأسنان، وعلى كافة الأصعدة، سواء ثقافياً، أو سياسياً، أو اقتصادياً، وبالطبع أمنياً، وأكثر من ذلك، لكن العراقيين، أو منهم خارج العراق، لا يسمعون من بعض الساسة العراقيين إلا الشكوى من «دول الجوار» أو الحديث عن سورية، خصوصاً من قبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وبالطبع فلسنا معنيين هنا بالدفاع عن دمشق، فلدى السوريين ما لديهم من مشاكل، وهم سادة وضع العقد في العجلة، لكن اندفاع السيد المالكي ضدهم وبهذه الحدة بات أمراً مريباً، خصوصاً أننا لم نسمع شيئاً شبيهاً من قبل المالكي أو مساعديه حول ما تفعله إيران بالعراق، والعراقيين.

ومن هنا، وبعد احتلال إيران للبئر العراقية، تكون طهران قد سمحت للعراقيين بمعرفة من سيجرؤ على انتقاد طهران، ليس لمجرد الانتقاد، وإنما دفاعاً عن الأراضي العراقية، حيث سيعرف العراقيون اليوم مَن مِن ساستهم سيجرؤ على الكلام، ويوجه أصابع الاتهام إلى طهران، ولو بكلمة واحدة. وهذا أمر مهم، خصوصاً أن البعض في العراق يقول إن بغداد ستلجأ للطرق الدبلوماسية لحل هذا «الاختراق»، وهذا مطلب إيراني أيضاً، وهو أمر مضلل، فالهدف هو التقليل من خطورة الوضع في عين المواطن، وتجنيب المسؤول العراقي الحرج.

ولذا فإننا نقول للعراقيين رب ضارة نافعة، وعليهم فقط متابعة مَن مِن ساستهم سيلجأ للصمت، ومن سيبرر لإيران احتلالها بئراً نفطية عراقية ليعرفوا من الحريص على العراق وسلامة أراضيه واستقلاله، بل وعلى العراقيين مراقبة إعلامهم ليعرفوا كتاب وصحافيي إيران بالعراق، وهذا أمر مهم لأن أمام العراق انتخابات مهمة قادمة، وما فعلته إيران بالبئر النفطية قد يساعدهم على كشف مواقف كثير من الساسة في بغداد.

[email protected]