حكايات زوجية

TT

زيجات هذه الأيام تنتهي من قبل أن تبدأ. ولعل أبلغ دليل على ما أقول هو رواية عن طلاق تم في الأردن وصوت الدف والطبول لم يهدأ في قاعة الاحتفالات. أما الشرارة التي اندلعت منها نيران الفرقة فقد كانت عبارة لا تليق تفوهت بها العروس أثناء الحفل حين لوث عريسها ثوب العرس بالشراب من دون قصد. فإذا بربة الصون والعفاف تقول لعريسها ما معناه: حاسب يا حمار.

وبأسلوب الأفلام العربية الدرامية نظر إليها العريس نظرة طويلة ومتفحصة ثم قام من مقعده في الكوشة وأمسك بمكبر الصوت وأعلن: هل من فتاة في هذا الحفل تقبل أن تقترن بي؟ أنا أبحث عن عروس لأن عروسي تعتبرني حمارا ولذا أعلن أمامكم بأنها طالق مني. أما أحدث القصص الباعثة على الدهشة والأسف فيتعلق بخبر نشرته صحيفة «عكاظ» قبل أسبوع عن عريس شاب في العشرينات من العمر خطب فتاة وحدد موعد الملكة بعد شهرين من إتمام الخطبة، وهو لا يعلم أن يوم القران المحدد يوافق اليوم الذي تعقد فيه مباراة كروية لفريقه المفضل في دوري المحترفين السعودي. ولم يصله الخبر إلا قبل الموعد المحدد للملكة بأسبوع واحد. ومن ثم اتصل بوالد العروس ورجاه أن يؤجل الاحتفال بالملكة إلى اليوم التالي لليوم المحدد نظرا لظروف خاصة تمنعه من الحضور. ولا يدهشنا أن والد العروس رفض التأجيل لأنه كان دعا المأذون ووجه الدعوة للأقارب وأعد كل ما يمكن إعداده لإتمام القران في التاريخ المتفق عليه. وأدهشه أن يصر عريس ابنته على التأجيل. وانتهى الأمر بأن تظاهر العريس بالموافقة على التاريخ المتفق عليه. وفي اليوم الموعود جاء المأذون وجاء المدعوون واستعدت العروس ولكن العريس لم يأت. وحين حاول والد العروس أن يتصل به وجد الهاتف الجوال مغلقا. ووسط استغراب المدعوين واستياء الأب من تصرفات الصهر المنتظر أقسم الأب على فسخ الخطبة لأنه لا يمكن أن يزوج ابنته لشاب لا يحترم كلمته.

تعددت الأسباب والطلاق واحد بعد يوم أو شهر أو سنة بحيث يكتب الاستمرار لزيجة واحدة من بين كل اثنتين. فهذا زوج يطلق زوجته لأنها ارتدت البنطلون واستكبرت وعاندت حين طالبها بأن لا ترتديه. فهل يستحق الموقف أن تضحي زوجة بزواجها؟ وها هي زوجة تطلب الطلاق لأن أخت زوجها لم تزرها في المستشفى بعد أن وضعت مولودها الأول. وحين شكت لزوجها من إهمال أخته لم يحمل سيفا ويتجه إلى بيت أهله لقطع رقبة الأخت المذنبة.

هل فقدنا الصبر والتمييز أم فقدنا الصواب؟ أم نسينا الحدود التي تفصل بين الأدب وقلة الأدب؟

أذكر أن والدي نهرني بشدة مرة واحدة لم تتكرر أبدا لأنه كان حليما عطوفا صبورا. في ذلك اليوم طلب مني كوبا من الماء البارد فذهبت وملأت الكوب وفي الطريق إلى حيث كان والدي جالسا أغرتني برودة الماء فارتشفت من الكوب رشفة قبل أن أناوله إياه. ولما لمح ما فعلت قام من مجلسه ودفعني بقوة وقال لي: إياك أن تكرري هذه الفعلة. فأنت سوف تصبحين زوجة يوما ما، وإن فعلت ما فعلت أمام زوجك سوف يقول: هذه زوجة لم يربها أبوها تربية حسنة. وما فائدة أن تتفوقي في المدرسة وتفشلي في بيتك مع زوج يفترض أن يحميك ويصونك؟