أحب أوهايو والنساء

TT

إذا تحدثت عن رؤساء أميركا، في أي مكان في العالم، يخطر لسامعك على الفور اسمان: أبراهام لنكولن وجون كينيدي. كلاهما غاب في صاعقة الاغتيال السياسي. كلاهما حقق تقدما لقضية الأميركيين السود. كلاهما قضى بسبب دفاعه عن الحقوق المدنية. أما الذي لم يكن ذائعا في عملية المقارنة هذه، فهو أن لنكولن، الذي افتقد إلى حد بعيد وسامة كينيدي، كان مثله «زير نساء». وخلال هذه الإقامة في نيويورك اطلعت على عدد من الكتب الجديدة والقديمة عن سيرة لنكولن، ووجدت أنها جميعا تحاول نزع صورة الناسك عنه.

صحيح أنه لم يكن هناك مارلين مونرو أو مارلين ديتريش، والأخرى كانت على علاقة مع والد كينيدي أيضا، لكن يبدو أنه كانت هناك كثيرات حول البيت الأبيض أيام الرئيس «الورع».

ثمة هواية لا نهاية لها في أميركا: الاستمرار في تحويل صورة البطل إلى «إنسان عادي» غير منزه عن السقطات. ويقول الكاتب الساخر «منكن» إن جورج واشنطن، الرئيس المؤسس، كان يردد الشتائم باستمرار، وكان تاجرا حاذقا، كما كان «ضعيفا أمام الكاحل». أما لماذا الكاحل، فلأن ثياب النساء أيامه كانت تلامس الأرض، بعكس ما هي عليه هذا الشتاء في نيويورك، حيث لا علاقة لبرودة الطقس وثلوج «سنترال بارك» بطول الفساتين أو قصرها. ولا مبالغة في القول، إن ثمة فريقين لا يتأثران كثيرا بطقس نهايات العام، خيول عربات سنترال بارك، والنساء. الأولى رغما عنها، والثانية بالاختيار الطوعي.

ثمة فارق، على ما يبدو، بين صورة لنكولن الورع وحقيقة لنكولن الأقل ورعا: «عندما كان لا يزال نائبا في ولاية الينوي، كانوا يطلبون من النساء الذهاب إلى النوم باكرا كلما حل بمدينة»، يكتب «منكن» الذي يقول إنه تعاطى أيضا مع قضية الحقوق المدنية كسياسي ذي مصالح، وليس كمسؤول ذي رسالة، وإنه أمر بتحرير العبيد في منطقة واحدة من البلاد، وليس في عمومها.

حتى خطبه السياسية كانت في البداية مزوقة إلى درجة التنفير. ولم يعمد إلى كتابة الخطب السهلة إلا في المرحلة المتأخرة، وهذا ما جعلها تبقى في ذاكرة الناس، خصوصا ما يعرف « بخطبة غيتسبرغ» التي قال فيها جملته الشهيرة «حكومة الناس، من الناس، لأجل الناس»، لكن وفق نقاده فإنه تصرف تماما عكس ذلك الشعار، وأن جنوده حاربوا ضد سياسة تقرير المصير في الولايات.

ربما فات أوان تغيير الصورة في الذاكرة. لن يعرف سوى رجال النخبة وعدد من القراء بأن لنكولن لم يكن حقا ذلك المثالي. ومعهم أيضا قراء الـ«نيويورك تايمز» في عددها الأسبوعي هذا الصباح وهي تعلن أنه «كان يحب النساء في ولاية أوهايو».