اختتام قمة كوبنهاغن للمناخ: وما زال الخلاف مستمرا

TT

قمة «كوبنهاغن» للمناخ التي عقدت في الفترة من 7 إلى 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وعقد عليها الكثير من الآمال لإنقاذ وحماية كوكب الأرض ومواجهة مشكلة التغير المناخي والاحتباس الحراري، لم تستطع الوصول إلى اتفاق دولي جديد للمناخ يكون ملزما قانونيا وطموحا لكل الأطراف، فقط توصلت القمة إلى الاتفاق على الاكتفاء بتبني اتفاق أو بيان سياسي ختامي مع وعود باستمرار المناقشات حول الاتفاقية في العام المقبل، الأمر الذي أدى إلى إعلان الدول النامية ومنظمات حماية البيئة عن عدم ارتياحها لنتائج هذه القمة.

حيث لم توافق بعض الدول المشاركة في القمة على كل بنود الاتفاق متحفظة عليها، إذ لم يحدد الاتفاق نسبة للحد من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بين عامي 2020 و2050، فقد طالب الاتفاق بضرورة الالتزام ابتداء من عام 2016 بخفض درجة حرارة جو الأرض بمعدل درجتين مئويتين، ومن دون توضيح لكيفية التوصل إلى ذلك.

ومن بين المواضيع التي لاقت توترا في مناقشات القمة، مسألة المساعدات المالية إلى الدول النامية والفقيرة لغاية عام 2020 لمواجهة مشكلة التغير المناخي، فقد توصلت القمة إلى الاتفاق على تقديم مساعدات مالية لهذه الدول تبلغ 30 مليار دولار حتى عام 2012، ترتفع إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2020، ولكن بقيت حصة كل دولة غير معروفة، ولا توجد التزامات بتوفير هذا المبلغ، الأمر الذي ستكون له تأثيرات سلبية، كما أنه قد يكون غير كاف في السنوات العشر المقبلة، وبخاصة مع تزايد التأثيرات السلبية لظاهرة التغير المناخي والاحتباس الحراري، إذ من المتوقع أن ترتفع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2030، مع إسهام غازات الاحتباس الحراري الأخرى في ارتفاع درجات الحرارة بمتوسط قد يبلغ 6 درجات مئوية.

ولعل أهم أحداث القمة، مشاركة وانضمام الولايات المتحدة - التي تحتل المرتبة الثانية في حجم الغازات المسببة للاحتباس الحراري - إلى هذا الاتفاق، في حين كانت قد رفضت الاشتراك في معاهدة «كيوتو» عام 1997.

ويمكن القول بأنه رغم أن نتائج القمة كانت غير طموحة وغير ملزمة، فإنها البداية، فقد زادت من وعي وحماس وقلق الرأي العام العالمي تجاه قضايا التغير المناخي والاحتباس الحراري خصوصا قبل وأثناء انعقاد القمة، ولكن يخشى أن يؤدي عدم التوصل إلى اتفاقية جديدة ملزمة إلى تراجع وفتور في الرأي العام العالمي تجاه هذه القضايا وفقدان الثقة وعدم الاهتمام واللامبالاة بمؤتمرات المناخ المقبلة.

ويبقى القول إن قمة «كوبنهاغن» للمناخ قد ساهمت في زيادة تلوث البيئة بدلا من حمايتها، فطبقا لتقديرات موقع مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في كوبنهاغن (http://unfccc.int) فإن هذه القمة تسببت في انبعاث 40 ألفا و500 طن من غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الملوثات مع انتهاء أيام المؤتمر الاثني عشر، وما زال الخلاف مستمرا حول سبل معالجة مشكلة التغير المناخي والاحتباس الحراري والحد من نسبة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وقيمة مساعدات الدول الفقيرة والنامية لمواجهة هذه المشكلة.

أخيرا.. ظاهرة التغير المناخي والاحتباس الحراري من القضايا البيئية العاجلة التي تهم الجميع، وتتطلب مشاركة كل جهود أفراد المجتمع في نقاشات جادة حول ما الذي ينبغي القيام به للحد من التغير المناخي وكيفية القيام بذلك، مع ضرورة إدراج المناخ وقضاياه في برامج ومراحل التعليم المختلفة من خلال الكثير من المبادرات، وبخاصة برامج وتقنيات التحول إلى مصادر الطاقة الفعالة المنخفضة الكربون.

* كاتبة وباحثة مصرية

في الشؤون العلمية