مدعوو البيت الأبيض

TT

طالبت بأن نعطي الرجل أوباما فرصة عامين قبل أن نبدأ حرب الكلام. وقد مر من هذه المهلة عام الآن. ولم يستطيع الرجل خلاله أن يحقق سوى الكلام الطيب. طالب إسرائيل بوقف المستوطنات فأشغلته عن كل شيء. وحاول مصالحة العالم الإسلامي بالإسراع إلى تركيا والسعودية ومصر، لكنه بقي مكبلا، هو، ومبعوثه المعتبر، جورج ميتشل، الذي بدأ مهمته مقبلا بحيوية شديدة ثم عاد إلى نمط أهل الكهف وسرعة حصان دون كيشوت.

بدا أوباما ساحر الخطاب بعد ثمانية أعوام كالحة من جورج بوش. لكنه تسربل بالتركة الثقيلة. ففي أسابيعه الأولى كادت الرأسمالية كلها تنهار أمام عينيه. وفي العراق وأفغانستان بدا أن أميركا لا يمكن أن تخرج أبدا بـ«سلام الشجعان»، وهو التعبير الذي يستخدم لتغطية الحروب المريعة والهزائم.

وأعتقد أن أهل «نوبل» تسرعوا في منح الرجل جائزة السلام، وأنه تسرع في قبولها أيضا. كان يليق به أن يقول، يجب أن أستحقها أولا، لأن السلام في هذا العالم المكتظ بالأشرار، أمر صعب وشديد التعقيد. كم كان أنبل له أن يذهب إلى أوسلو ويقول للعالم من هناك: لقد استحققت بشجاعتي أن أكون أول رئيس أسود في تاريخ الاتحاد، وبشجاعتي سوف أستحق هذه المرتبة ذات يوم. لكن أوباما وقف يعتذر ويبرر، قائلا للمانحين الذين قارنوا بينه وبين مارتن لوثر كينغ والمهاتما غاندي «كرئيس للدولة، أقسمت على الدفاع عن أمتي، لا يمكنني أن أتبع مبادئهم وحدها. إنني أواجه العالم كما هو، ولا أستطيع أن أقف مكتوفا أمام التهديد للشعب الأميركي. أرجوكم ألا تخدعوا. فالشر قائم في هذا العالم».

لم يكن في إمكان الرئيس الفائز أن يبرر الموقف بين قبول الجائزة وإعلانه، قبل أسبوعين، عن إرسال ثلاثين ألف جندي إضافي إلى أفغانستان. لذلك راح يشدد على «أن الحرب ضرورية أحيانا، والحرب، في مرحلة ما، هي تعبير عن الجنون البشري. إن في إمكاننا الإقرار بأن الظلم سيبقى معنا دائما ولكن نعمل في الوقت نفسه من أجل تحقيق العدالة».

كان خطاب مارتن لوثر كينغ في أوسلو مختلفا تماما العام 1964 عند قبول الجائزة. إعلان مباشر مع السلام ومع المحبة ومع السعي المطلق لتحقيق العدالة الإنسانية. هل لأنه لم يكن موثوقا بربطات وتناقضات الرئاسة، حيث لا نرى دائما ما يحدث؟ أو حيث رأينا كم هو أمن الرئيس واه، عندما دخل رجل وامرأة إلى البيت الأبيض، من دون دعوة، من دون أن يلحظهما أحد؟ هل يمكن النظر إلى عبور جميع الحواجز على أنه صدفة وتسلية واختبار تلفزيوني؟