أين ذهبت الكاميرات يوم كنا نحتاجها؟

TT

في 17 ديسمبر أعلن الرئيس الفلسطيني اختتام فعاليات «القدس عاصمة للثقافة العربية» التي أقيمت في جامعة النجاح بمدينة نابلس، ليسلم شعلة الاحتفالية المقبلة للعاصمة القطرية الدوحة عاصمة الثقافة العربية لعام 2010، ولم يكن هناك من يتسلم. فهل كان غياب القطريين عن الاحتفالية على مستوى وزير الثقافة، أو على مستوى وزير الخارجية يعني أن القطريين يقاطعون إسرائيل، بدعوى أنهم ضد التطبيع؟ أم إنهم يقاطعون محمود عباس والسلطة الفلسطينية في رام الله؟ الموقف القطري يؤكد، أن العرب يتحدثون كثيرا عن القدس، ولكن في لحظة الحسم يتهربون، فهل القدس هي قضية للمتاجرة السياسية فقط؟

عندما كتبت مقالي في الأسبوع الماضي عن حماسنا لمعركة المآذن في سويسرا وتجاهلنا لمبادرة السويد التي تنادي بالقدس عاصمة لفلسطين، جاءتني ردود لا حصر لها، وكانت الأصوات الكثيرة مؤيدة لما قلت، ومع ذلك لم يحرمني أصحاب السيوف الخشبية والانتصارات الوهمية من الكثير من تعليقاتهم أيضا.

في ختام احتفالية القدس وقف أبو مازن معلنا «إننا نريد القدس عاصمة لدولة فلسطين لا نريد أكثر ولا نريد أقل، وهذا موقف استراتيجي»، هذه كانت رسالة محمود عباس للعالم، رسالة قالها، ولم يكن إلى جواره من العرب سوى الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير خارجية الإمارات ومعه عبد الرحمن العويس وزير الثقافة.

هذا هو حالنا، ننادي بالقدس ولا نحضر احتفالية القدس بدعوى رفضنا للتطبيع من دول هي مطبعة بالأساس. لم يحضر وزير الثقافة القطري، ولم يحضر وزير الثقافة المغربي، وهي الدولة التي تترأس لجنة القدس، ولم يحضر وزير الثقافة المصري الذي «وجع راسنا» في ترشيحه لإدارة اليونسكو بأنه لا يكره اليهود. يبدو أن وزراءنا لا يكرهون إسرائيل واليهود، ولكنهم يكرهون محمود عباس.

إذا كان الأمر يخص التطبيع ولا يخص القدس أو محمود عباس، فالدول التي لم توقع اتفاقات مع إسرائيل وكذلك الدول التي لم تفتح مكاتب تجارية لإسرائيل في عواصمها تكون مستثناة من الحضور. وفي هذا السياق يكون مفهوما ألا يذهب وزير الثقافة السعودي، لأن السعودية هي الجائزة التي تريدها إسرائيل، كما أن السعودية لديها مواقف واضحة من التطبيع، ولم توقع اتفاق سلام مع إسرائيل، ولكن ما هو عذر الدول التي وقعت اتفاقات سلام مع إسرائيل، أو تلك الدول التي تتعامل مع إسرائيل بشكل أو بآخر. وما هو عذر قطر تحديدا التي ستكون عاصمتها الدوحة هي المضيفة للاحتفالية القادمة التي يجب أن تكون حاضرة لتسلُّم الشعلة؟

إذن لا يبقى لدي تفسير سوى أن موقف قطر ليس موقفا من إسرائيل، بقدر ما هو موقف من محمود عباس لصالح حماس. وموقف قطر، ليس من محمود عباس الشخص، بقدر ما هو موقف من محمود عباس السياسة، وأنا أعرف أن لعباس مصالح في قطر لم تمس، وأن قطر كانت كريمة معه بشكل شخصي في السابق، ولكن المواقف السياسية شيء والشخصية شيء آخر.

الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير خارجية الإمارات ليس من حملة السيوف الخشبية أو من أصحاب النضال الكاذب، لذا ذهب إلى فلسطين دونما صخب، ومن هناك قال: «لقد أتينا إلى فلسطين العزيزة لمشاركة أشقائنا ختام احتفائهم بالقدس كعاصمة ثقافية للعالم العربي، وهذا مكسب لي ولإخواني ليس كسياسيين أو ممثلي حكومات، ولكن كممثلين للشعوب والمثقفين العرب».

وهذه كانت الرسالة، ولم يضعف هذا من موقف الإمارات بل وجود الشيخ عبد الله هناك سلط الكاميرات على قضية القدس، فماذا كان سيضير الدوحة لو حضرت هي وكاميراتها؟ أين ذهبت الكاميرات يوم كنا نحتاجها؟!