«ثغور» الخليج

TT

جرت محاولات أكاديمية كثيرة أواخر القرن الماضي لإلقاء الضوء على جوانب النهضة العراقية في أوائلها، في الصحافة والفنون والآداب. فقد شعر العراقيون بشيء من الظلم، إذ تركزت الأضواء على مظاهر النهضة في مصر ولبنان، فيما غارت في الظل، مرة عن قصد، ومرة عن جهل أو إهمال، معالم ومظاهر النهضة بين النهرين العظيمين.

ومن جملة الاستعادات كتاب للدكتور طارق نافع الحمداني (دار الوراق) عن مجلة «لغة العرب» التي صدرت بداية القرن العشرين واستمرت بضعة عقود تغطي، بعلمية وموضوعية ومهنية واضحة، شؤون العراق وبلدان الجزيرة والخليج. ودراسة الدكتور الحمداني مشوقة وثمينة، لكنني لست أدري لماذا لم يتوقف أكثر، ومجموعة «لغة العرب» بين يديه، عند نقطة مثيرة يشير إليها وتتعلق بجزيرتي «طنب» و«أبو موسى». وقد جاء في المجلة عن نشاط الإنجليز أنهم «يبنون الآن قلاعا في جزيرة تايبوه. وقد بنوا في جزيرة طنب، وهي من جزر الخليج، منارة لتسهل سير المراكب ليلا في تلك الأرجاء. وأحضروا إلى جزيرة (أبي موسى) الأدوات اللازمة لاستخراج المغره».

جرى ذلك في عام 1913. وبعد منتصف القرن استولى الشاه على تلك الجزر دون سواها بسبب أهميتها الاستراتيجية التي أدركها البريطانيون منذ أن راحوا يستكشفون أنحاء المنطقة تمهيدا لاستعمارها. وسمت المجلة تلك الجزر بأنها من «ثغور الخليج» وقالت إن البريطانيين أقاموا مطارات خاصة في جميع الثغور، في جملة ما أقاموا من تسهيلات أو تعزيزات، في الطريق إلى الهند أو منها.

وفي تلك المرحلة بدأت الدولة العثمانية نفوذها في المنطقة، إلى أن تخلت عن جميع معاهداتها القائمة قبلا مع إمارات الخليج. وخلال ذلك أيضا حاول الألمان بسط شيء من النفوذ الاقتصادي، غير أن البريطانيين تصدوا لهم بقوة. وربما في تلك الأيام أدرك الفريقان أن ثمة ثروة كبرى قائمة هناك سوف تعرف باسم النفط. أما آنذاك فتنقل «مجلة العرب» أن في «12 نوفمبر (تشرين الثاني) 1914 زار الكويت أمير أسطول إنجلترا في الخليج، وبعد زيارة للأمير استأذنه بالتجوال في أنحاء الكويت، فأذن له، فذهب بإحدى بوارجه إلى (الصبحية) من قرى الكويت على بعد 4 ساعات منها. ومنها ذهب الأمير ومن معه على ظهور الجياد، ولما مضوا في البرية، وجدوا فيها قبرا وزيتا حجريا وكبريتا، ثم رجعوا إلى مواطنهم، ولا بد أنهم سيرجعون يوما إلى تلك الأرجاء ليستثمروا ما فيها».