مطاردة المعلم في اليمن

TT

بعد أقل من يوم من إفشال محاولة تفجير طائرة فوق مدينة ديترويت الأميركية بدأت مطاردة مختلفة، البحث عن معلم عمر عبد المطلب الذي حوله إلى إرهابي. وعبد المطلب هو الشاب النيجيري، الذي ترك نيجيريا بريئا وسافر من لندن إرهابيا جاهزا. تحولت الأنظار إلى نفس الشيخ اليمني الذي يعتقد أنه شيخ الإرهابيين الجدد، أنور العولقي. هو نفسه الذي أفتى للضابط نضال حسن، أميركي من أصل عربي، بارتكاب مذبحة فورت هود.

وحتى لا أزيد هذا الموضوع المعقد تعقيدا، يمكن اختصار الحدث في الاستنتاج أن الاهتمام تحول من ملاحقة عسكر «القاعدة» إلى مطاردة مشائخها. بعد سنوات من الحرب العنيفة صارت الصورة أوضح للجميع اليوم، وهي أن «القاعدة» مشكلة فكرية لا تنظيمية. ومع أن هناك الكثير مما ينبغي فعله على الأرض لاستئصال هذا المرض الخبيث فإن الأولوية تفترض أن توجه لمحاربة الفكر المتطرف ومنظريه وعلمائه قبل تلاميذه وجنوده. هؤلاء هم سر التنظيم وسبب استمراريته، وقدرته على التجنيد وجمع الأموال، رغم الخسائر الهائلة التي ألحقت به في أنحاء العالم. المقبوض عليه في ديترويت، عبد المطلب، عمره 23 عاما فقط، أمضى ثلاث سنوات دراسية في جامعة في لندن درس خلالها الهندسة الميكانيكية، من عائلة مسلمة معتدلة جدا، والده مصرفي بارز في نيجيريا، كان رئيسا لفيرست بنك، واحد من أهم بنوك نيجيريا. وقد أقلقت أفكار فاروق الأبَ إلى درجة أنه نبه السلطات إلى ذلك، في حالة نادرة جدا أن يخبر أب عن ابنه. ويبقى السؤال المهم من الذي أقنع الشاب الصغير وجهزه للعملية؟ لأن عبد المطلب صار في السجن، إنما بقي عشرات وربما مئات آخرون مثله مطلقو السراح.

العولقي صار المطلوب الأول وأصل المشكلة على الأقل في جريمتين، نضال حسن المعتقل بتهمة قتل 13 وفاروق عبد المطلب المتهم بمحاولة تفجير طائرة وقتل 279 راكبا على متنها. والعولقي شخصية مهمة، ويبدو أنه بن لادن الإنترنت، زعيم منظمة تجمع آلافا من الشباب يتم التواصل معهم من خلال المواقع الإلكترونية أولا ثم التعاطي معهم ميدانيا لاحقا. صار قائدا ومفتيا يتواصل مع تلاميذه إلكترونيا، وله نشاط دعوي مكثف عبر الشبكة العنكبوتية. ومثل بن لادن، قط بسبعة أرواح، استهدف في غارتين على شبوه قبل أيام والأرجح أنه نجا منها رغم أنباء قتله.

أظهرت أحداث الأسابيع القليلة الماضية أن حرب الإرهاب لم تنته بغياب بوش، ولا الإرهاب توقف بعد إطلاق سراح العشرات من سجن غوانتانامو. وأن تقاعد أو القبض على قادة مثل خالد شيخ محمد، لم ولن يوقف التجنيد والنشاط لهذه الفكر الإرهابي. بل كل ذلك أكد الحقيقة القديمة وهي أن «القاعدة» فكرة متطرفة تتطلب محاربتها كفكرة أولا، وملاحقة دعاتها أيضا، مع ضرورة شن حرب على مواقع المتطرفين الإلكترونية عموما التي صارت معسكرات أكبر مما كان المعسكر الأول الذي حمل التنظيم اسمه لاحقا، «القاعدة».

[email protected]