طلاق مطلوب

TT

سنة بأكملها مضت على جريمة الاعتداء والحرب الإسرائيلية القذرة على قطاع غزة الفلسطيني.. حرب لم توفر فيها إسرائيل أي أسلوب خارج وعدواني إلا وقامت بعمله: اعتداءات على النساء والأطفال، استخدام الأسلحة الكيماوية والقنابل العنقودية، منع الإغاثة والإسعاف وتدمير المدارس والمعاهد ودور العبادة.. جريمة أخرجت نماذج جديدة من مجرمي الحرب في هذه الدولة المارقة لتصبح «ليفني» وزيرة الخارجية الإسرائيلية ورئيسة الحكومة السابقة إحدى أيقونات الحرب.

الحرب الإسرائيلية على غزة وصلت لمستويات دنيا غير مسبوقة واستباحت كل ممنوع ولقيت فيها الدعم المحموم من المنظمات الدينية الصهيونية من اليمين المسيحي المتطرف المغذى من المحافظين الجدد.

علامات الجريمة لم تختف إلى اليوم؛ آلاف المباني التي دمرت ولا تزال مدمرة للآن لأن إسرائيل لا تزال تمنع مواد وأدوات البناء من الدخول إلى غزة. إسرائيل تضيف بمجزرتها في غزة سجلا أسود جديدا لتاريخها العدواني ليضاف إلى مذابحها في دير ياسين وقتل الأسرى العزل والاعتداءات على الأقصى الشريف ومجازر قانا وصبرا وشاتيلا والاعتداء على العراق والعدوان الثلاثي على مصر واحتلال بيروت وغزو لبنان والاعتداءات على سورية وتدمير الباخرة الأميركية «ليبرتي» في عرض المتوسط وقتل من فيها من ركاب وإسقاط الطائرة الليبية المحلقة فوق سيناء وقتل من فيها من ركاب.

أنها دولة مارقة بامتياز، دولة تجاوزت واخترقت وأسقطت كل المعاهدات والاتفاقيات والمواثيق الدولية.. دولة يعترف بها العالم وهي بلا حدود رسمية. دولة اعتمدت في شرعيتها على نصــــوص من وحي خيالها واعتبرته مقدسا معتمدة على تفـــــاسير ضيقة لا يعترف بها كل اليهــــــود ولا كل المسيحيين.. ولكنها الحــــركة الصهيـــــونية آخر بقــــــايا الفكر الإنســـــاني الرافض للانصــــهار مع الآخر.

الصهيونية مثلها مثل الأفكار المدمرة والمفرقة والمنفرة التي لا تقبل العيش مع الآخر وتجهز الدعم لموقفها بآراء تتماشى مع أهوائها. الصهيونية مشروع إرهابي وتطبيقه وتأييده إجرامي، والمسيحيون أولا وهم يحتفلون هذه الأيام بأعياد ميلاد السيد المسيح عليه وعلى والدته وعلى الرسل أجمعين السلام، المسيحيون الذين آمنوا برسالة رسول السلام للأرض يرددون دوما وباستمرار وبلا انقطاع في مناسباتهم الكبرى وخصوصا في أعياد الميلاد قولا مأثورا للمسيح عليه السلام: «على الأرض السلام وبالناس المسرة» عليهم مسؤولية جسيمة وعظيمة في فك الارتباط بينهم وبين الحركات المسيحية المتطرفة اليمينية المتصهينة التي تسيء أشد الإساءة للعقيدة المسيحية نفسها نظرا للاعتماد الكبير في تفاسير هؤلاء الفرق لدينهم على كتاب جدلي عن نهاية العالم ومكتوب بطرق ملتوية به تمجيد كبير لحق اليهود في أرض الميعاد وتصوير هذا الحق بأنه منحة إلهية لهم لا يأخذها منهم إلا ضال وخارج عن الدين، وأن جمع أكبر عدد ممكن من اليهود في أرض الميعاد سيعجل بعودة هرميجدون وهي المعركة الفاصلة بين الشر والخير والعدل والظلم وبعدها يعم الأرض السلام.

هذه «الرؤية» لا يتفق معها البروتستانت ولا الكاثوليك ولا الأرثوذوكس ولا الأرمن ولا الأقباط وبالتالي هي رؤية شاذة ولكنها خطفت من الدين المسيحي وأصبحت البوق السياسي الأساسي له، واهتمت الدول المسيحية بمسائل جدلية ومعارك جانبية متناسية أهمية وضرورة تطهير قلبها من الداخل عليها وهو المحرك الأساسي اليوم للنهج التدميري في إسرائيل والمغذي الأكبر لآلة الدمار لديها.

السرطان التوسعي لإسرائيل سيتغير لو علا الصوت العقلاني للمسيحيين وأعلن طلاقه التام والواضح وغير القابل للتشكيك مع الحركات المسيحية اليمينية الأصولية المتصهينة.

[email protected]