إيران المتشددون والأكثر تشدداً

TT

طبيعي أن يأتي دفاع زعيم حزب الله حسن نصر الله عن حماس، وتعريضه بمصر حول قضية الجدار الخاص بالحدود مع غزة بعد زيارة خالد مشعل الأخيرة إلى إيران، وقبلها اجتماعات الحركة مع حزب الله في لبنان، واجتماع مسؤول إيراني مع حماس في دمشق قبل قرابة شهر، لكن الغريب هو أن يأتي تعريض حسن نصر الله بمصر في الوقت الذي كان التقى فيه علي لاريجاني في القاهرة الرئيس المصري، وخرج بعدها متحدثاً للإعلام عن ضرورة تفعيل العلاقات المصرية الإيرانية، وكذلك العربية من أجل الوصول بها إلى علاقة استراتيجية تقوم على تحالف عربي تركي إيراني. فحديث لاريجاني التصالحي يصطدم تماماً مع كلمة حسن نصر الله التي ألقاها بمناسبة يوم عاشوراء، وحاضر فيها مصر والمصريين.

وهذا الأمر لا يفهم منه إلا أن هناك تيارين يتجاذبان السياسة الإيرانية في المنطقة.. تيارين خرجا من رحم التيار المحافظ؛ وهما التيار المتشدد، والتيار الاكثر تشدداً، خصوصاً أن الإصلاحيين الإيرانيين منشغلون، بل ومركزون كل جهودهم، على المعركة الداخلية التي باتت تتطور بشكل ملموس وكبير، وباتت تشي بأن أمراً ما قد يحدث هناك.

الحديث عن تيار متشدد في إيران، وتيار أكثر تشدداً، أمر مبرر إذا ما استحضرنا سير الأحداث، وخصوصاً المتعلقة بإيران في منطقتنا، فعدا عن تناقض موقف لاريجاني مع نصر الله المرتبط بالجهات الأكثر تشددا في إيران، خصوصا الحرس الثوري، بالنسبة لمصر، فهناك مثال آخر وهو احتلال بئر الفكة العراقي، حيث جاء في وقت محرج لحلفاء إيران بالعراق، بل ومحرج لمحاولات بعض المسؤولين الإيرانيين الذين يريدون تحسين صورة نظامهم في منطقتنا.

وبالطبع هناك المحاولات التي قام بها أحمدي نجاد، وغيره، من أجل قبول تخصيب اليورانيوم في الخارج أثناء التفاوض مع الغرب حول الملف النووي، وهو الأمر الذي ما لبثت طهران أن تراجعت عنه تحت ضغوط داخلية من الأكثر تشدداً في إيران، مما قد يعرض الجمهورية الإسلامية لصعوبات بالغة مع الغرب، وتحديداً أميركا، وهو ما سيتبين في غضون هذا الشهر.

وعليه فإن الانقسام الداخلي الذي يضرب إيران يبدو أنه يسير إلى تصدعات أكبر، مما شكل تياراً متشدداً وتياراً يعد أكثر تشدداً، وهو أمر قد يسهل على الغرب التعامل مع إيران، في الوقت الذي قد تكون فيه طهران أكثر خطورة مما سبق، فمن الواضح أن التيار الأكثر تشدداً لا يتوانى عن الهروب إلى الأمام من أجل تحقيق مصالحه، التي من أبرزها إزاحة كل من يقف أمامهم داخلياً، وهذا أمر يزيد من ضعف طهران، لكنه يشي بأن على الجميع توقع أي حدث خطر قد يأتي من هناك، خصوصاً أن الحركة الخضراء باتت تفرض نفسها بشكل متنام، حيث ثبت أن الحركة الخضراء تواصل زحفها غير آبهة بقبضة الحرس الثوري، أو ولاية الفقيه، وغير منشغلة بالخارج بقدر ما أنها مستمرة في تركيزها على المعركة الداخلية التي باتت تجتاح المدن وليس الميادين.

[email protected]