هل حان عصر أوروبا 3.0؟!

TT

أخيرا، سوف يترك الاتحاد الأوروبي مرحلة التركيز على قضايا مؤسساتية، ويبدأ التأكيد على دوره كلاعب دولي فاعل.

هذا هو المفترض مع بدء تطبيق معاهدة لشبونة.

ولم يتضح بعد هل سيكون الواقع العملي مختلفا أم لا.

في وقت، تذكرك بروكسل بواشنطن في وسط المرحلة الانتقالية بين إدارتين. وسيكون الانكفاء على الذات شيئا أسوأ مع تسارع المساعي لأخذ مواقع داخل الهياكل الجديدة.

ولكن، لن يكون من المهم بالنسبة إلى قدرة أوروبا على النهوض كلاعب دولي، تحقيق الترابط بين الأجزاء المختلفة داخل البنية المؤسساتية الجديدة، بل ستتمثل الأهمية في قدرتنا على تحديث برامج سياسية كي نحصل على الأثر الكامل لما نقوم به.

كانت أوروبا 1.0، مثل أشياء قديمة داخل أوروبا الغربية، امتدادا من الخمسينات حتى الثورة الأوروبية في عام 1989. وتمثلت أوروبا 2.0 في الابتكارات المؤسساتية والتوسعية الكبيرة التي كانت سمة الأعوام التي تلت ذلك، علاوة على استخدام اليورو داخل عدد كبير من الدول. وشهدت هذه الفترة نجاحا كبيرا في مجال إحلال السلام وتحقيق الرخاء وسيادة حكم القانون على الملايين من الأوروبيين.

والآن يجب علينا صياغة برنامج أوروبا 3.0 التي يمكن أن تظهر كشريك ولاعب عالمي.

وثمة أهمية لما يمكن أن نقدمه للسلام والرخاء داخل جزئنا من العالم، حيث إنه إذا نُظر إلينا على أننا متعثرون أو فاشلون هنا، فيلحق الضرر بمصداقيتنا داخل أماكن أخرى.

وخلال رئاسة السويد للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام الحالي، تمكنا من بدء عملية الاندماج داخل دول البلقان الأوروبية، ومن إيجاد زخم جديد تمثل كرواتيا وصربيا فيه رأسي حربة.

وتجب المحافظة على هذا الزخم خلال الأعوام المقبلة. الطريق للعضوية سيكون بالنسبة إلى بعض من هذه الدول طويلا وصعبا، ولكن البديل هو الركود والأخذ في التردي والتراجع.

وثمة أهمية استراتيجية في عدد قليل من العمليات مثل عملية قبول تركيا داخل الاتحاد الأوروبي. ومعروف أنها تواجه معارضة شديدة في بعض الأنحاء، ولكن لا يمكن إنكار أنه بضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي سيصبح الاتحاد لاعبا دوليا ذا قدرات أفضل ومصداقية أوسع.

ويعتمد نجاح الاتحاد الأوروبي على حقيقة أنه دائما ما كان مستعدا لتوسيع مدى وعمق طموحاته المختلفة. وسيكون غلق الباب أمام الأعضاء الجدد، والاستغراق في البيروقراطية التي تغرق بروكسل، والنظر إلى العالم الخارجي على أنه يمثل في الأغلب تهديدا، أشبه بتنازل عن تولي مسؤولية تاريخية.

وسيعتمد الطريق أمام تركيا إلى حد كبير على الجهود الدائرة من أجل تجاوز الخلاف حول قبرص بصورة نهائية، حيث ستواجه مصداقيتها، فيما يتعلق بالتغلب على خلافات الماضي، مخاطرة شديدة.

ويجب أن يستمر الاتحاد الأوروبي في بسط سياسات الترابط ناحية شركائه الشرقيين، ومن بينهم أوكرانيا، معتمدا على اتفاقية تجارة حرة شاملة، بالإضافة إلى الانضمام إلى معاهدة مجتمع الطاقة. وستكون هناك أهمية متساوية على المدى الطويل لاتفاقيات شراكة مع دول شراكة شرقية أخرى، تأتي جورجيا على رأس جنوب القوقاز.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، صاغ الاتحاد الأوروبي أول مجموعة من السياسات الخاصة بجهوده الأكثر شمولا في أفغانستان، وقام بتحديث وتعزيز سياساته المرتبطة بعملية السلام داخل الشرق الأوسط، وأكد على منحاه المزدوج إزاء إيران. ويجب أن نفهم أن الطريقة التي نعالج بها التحديات المختلفة بين فلسطين والبنجاب سوف تحدد طبيعة علاقاتنا المستقبلية مع العالم الإسلامي.

ولم تمثل الانتكاسة المروعة داخل كوبنهاغن هزيمة لجهود معالجة التغير المناخي فحسب، ولكنها أوضحت بشدة تحدي الحوكمة العالمية داخل عالم متعدد الأقطاب.

مضى وقت طويل على «لحظة القطب الواحد» الأميركي، التي تلت انهيار الاتحاد السوفياتي، وكذا يجب أن تمضي أي أوهام تتعلق بالاعتماد فقط على محور ثنائي عبر الأطلسي أو عبر الهادي. ومن الواضح أيضا أنه لا يمكن أداء عمل جاد في بنية تضم أكثر من 190 وفدا.

ويجب أن يتولى دفة القيادة اتحاد أوروبي جاد فيما يتعلق بمسؤولياته ودوره العالمي، من أجل بناء نظام حوكمة عالمي أكثر فاعلية.

ويجب أن تتسارع الخطوات، ومن غير المحتمل أن يكون هناك حل واحد يناسب جميع المشكلات. وستكون هناك حاجة إلى إصلاح مهم داخل مؤسسات مختلفة مثل مجلس الأمن ومجموعة العشرين.

ومع دخول أوروبا مرحلة جديدة في تطورها، ينتظر العالم لها أن ترفع صوتها، وأن تعبئ أدواتها وسلطاتها الجديدة. وهناك الكثير من المهام التي تنتظرها.

* وزير خارجية السويد حاليا، وكان رئيسا للوزراء في الفترة من 1991 إلى 1994

* خدمات «تريبيون ميديا» شبكة «غلوبال فيوبوينت»

خاص بـ«الشرق الأوسط»