هارب بزيّ العمل البرتقالي!

TT

هرب عامل النظافة الهندي حبيب حسن إلى بلاده عبر الاختباء في دورة مياه طائرة هندية غادرت المدينة المنورة إلى جايبور بالهند ليكتشف الركاب وطاقم الطائرة وجوده بعد زمن من الإقلاع، وهو يخرج من دورة المياه بزيّ العمل البرتقالي اللون، مؤكدا أنه يرغب العودة إلى بلاده، ومدعيا أن جواز سفره محجوز لدى الشركة التي يعمل بها، وأنه اضطر إلى الاختباء في دورة المياه للعودة إلى بلاده لأنه لم يحصل على راتبه لنحو ستة أشهر، إضافة إلى أنه كان يتقاسم الطعام والغرفة مع 13عاملا آخر، وهو ما لم يكن يكفيهم.

ذلك ما ادعاه العامل الهندي، وهو خبر يحتمل الصواب والخطأ، فقد يكون العامل كاذبا في ادعاءاته لتبرير طريقة هروبه، وقد يكون على صواب، والمطلوب هنا أن ترد الشركة التي عمل في خدمتها هذا العامل بالوثائق لتدحض اتهامات ذلك العامل التي يلوكها الإعلام الهندي الآن، أو أن تعترف بالاتهامات التي وجهها العامل إليها وتوضيح أسبابها، فصمت الشركة من شأنه أن يزيد الأمر غموضا.

هروب هذا العامل الهندي، بصرف النظر عن صدق ادعاءاته أو كذبها، يفرض علينا مجددا مراجعة النظام المطبق على العمالة الوافدة، وهو النظام الذي وصفته ذات مقال بأنه غدا وجع رأس لكل الأطراف التي تتصل به: العامل، والكفيل، ووزارة العمل، وحقوق الإنسان، والمحاكم، وغيرها، خصوصا أن هذا النظام الذي ينعتونه بنظام الكفيل قد ارتبط بالكثير من المشاعر السلبية في دواخل الكثيرين، وأشعر أنه قد آن الأوان للإسراع بأن نختار من مائدة التجارب العالمية في هذا المجال ما يتوافق مع ظروفنا، فليس من الضرورة أن نخترع العجلة من جديد.

فبلادنا قد حباها الله نعمة كبيرة بأن جعل ملايين الناس تأتي إليها بغرض الحج والعمرة والعمل، وهؤلاء يمكن أن يكونوا شهودنا أمام العالم، حينما يعودون إلى بلدانهم يحملون الصور الإيجابية عن هذه البلاد وأهلها، وكما استطعنا النجاح في ترك الأثر الإيجابي لدى ملايين الحجاج والمعتمرين يمكننا أيضا أن نترك نفس الأثر في صفوف العمالة التي تعود إلى بلادها بعد انتهاء فترة عملها، وتحقيق ذلك يتطلب نظاما جديدا يعكس أخلاقياتنا وقيمنا بصورة أكثر تعبيرا من النظام الحالي، نظام يجعل العامل المقيم، أو المغادر لهذه البلاد بعد انتهاء خدمته، يحمل الصورة الإيجابية التي نستحقها، وهذا يتطلب أن لا ندع مصير سمعتنا، وسمعة مجتمعنا في يد أي جهة يمكن أن تخطئ التعامل فتخدش الصورة الجميلة التي نستحقها في أعين العالم.

فهل نفعل؟

[email protected]