رحلتي ورحلة عمر عبد المطلب

TT

تضاربت مواعيد سفري يوم السبت الماضي مع موعد رحلة الأخ عمر فاروق عبد المطلب. هو، كان ذاهبا من أمستردام إلى ديترويت، لإحراق نفسه والمسافرين معه والطائرة. وأنا كنت عائدا من أوتاوا عند شقيقي منير، إلى نيويورك. وعندما وصلت مطار أوتاوا ظهر الأحد لم أكن أعرف شيئا عن مشروع عمر الإنساني، لكنني وجدت أن حركة السفر قد تغيرت. تفتيش عند الباب، وخصوصا في نعل الأحذية، ثم عند آلات التفتيش، ثم تفتيش يدوي آخر عند البوابات. وفي اعتذار شديد أعلن الأمن أن على جميع المسافرين على جميع الرحلات قضاء حاجاتهم الطبيعية، لأنه لن يسمح بالدخول إلى الحمامات خلال الرحلة. وبسبب تأخر الإقلاع ونحن في الطائرة الصغيرة، قمت إلى المضيفة وقلت لها، إنني مثل الكرة الأرضية، أكره الانحباس الحراري، فرق قلبها وسمحت لي باستخدام الحمام، وإذا بأربعين راكبا يصطفون من أجل تنفس الصعداء.

ولماذا ديترويت يا أخ عمر؟ ألا يكفي أفارقتها من بؤس؟ ألا تعرف أن كثيرا منهم جاءوا من نيجيريا؟ أم أنه قانون «القرعة» حملك إلى هناك، أنت، وهذا الفكر المريض الذي إذا سعى إلى اختراع أو علوم، بحث فقط عن أداة قتل جماعية؟ ولماذا يكون أصحاب هذه النزعات العدمية العابثة، غالبا من أهل الجامعات والأطباء، والله لا ندري يا عمر. هل لاحظت الأسماء التي تحملها: عمر فاروق عبد المطلب؟ وهل تعرف شيئا عن تاريخها؟ وهل تعرف شيئا عن سيرتها؟ أم أن الذين حشوا دماغك تعمدوا أن يشلوا عقلك وأن يجمدوا قلبك وأن يفقأوا عينيك؟

لا. ليست مسألة شخصية، بينك وبيني. أو مجرد تضارب في مواعيد السفر. إنها مسألة بينك وبين بلدك وأمتك. فإذا كنت سوف تدخل الجامعة بحثا عن سبل العدم والتدمير، فلماذا العذاب. إنهم يعلمونك الآن على الإنترنت كيف تحز الأعناق وتعد المتفجرات، فلماذا تتعب نفسك وتبدد مال أهلك وذويك.

ومع ذلك قرر عمر عبد المطلب أن يتعب نفسه. تركه والده، أحد أثرياء لاغوس ورئيس «بنك نيجيريا الأول» وأمه ذات الأصول اليمنية، وذهب يتعلم ويعلم كيف يرى الإنسان المريض بطولة وخلاصا لنفسه وخدمة لأمته، في إعطاء هذه الصورة عن أهلها. وكلما وقع سوء فظيع من هذا النوع، أكرر أن المسؤولية ليست مسؤولية التطرف وحده، بل أيضا مسؤولية الحكماء والعقلاء والأخلاقيين الذين يرفضون استنكاره. وفي ذلك ضرر أشد للحالة الصراعية التي نعيشها الآن والتي يجب أن تكون في أيدي قادة الفكر لا في أيدي حملة السوائل الحارقة.