الخطر الذي يتهدد الكويت

TT

دخل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد على خط الأزمة السياسية في بلاده محذراً من مخاطر ما سماه «الفتنة البغيضة» ومذكراً أنه قد «لا يجدي معها حل أو علاج ولن يكون فيها رابح، فالخاسر فيها دائماً هو الوطن، والذي يدفع الثمن هو الجميع، ولعل خير شاهد على ذلك ما تعرضت له مجتمعات ودول من شرور وتداعيات الفتن، وما ترتب عليها من انشقاق وعداوات طالت أبناء البيت الواحد أتت على مقدراتها وأكلت الأخضر واليابس فيها».

ويأتي تحذير الشيخ صباح لمواطنيه في وقت تشهد فيه الكويت سخونة سياسية متصاعدة، بل ومقلقة. وبحسب البعض في الكويت، فإن المشكلة متشابكة ولا يمكن فصل بعضها عن البعض الآخر، من الاستجوابات إلى الشد والجذب بين الحكومة والمعارضة.

إلا أن الخطر الأكبر في كل ذلك هو الانزلاق إلى مستويات تهدد وحدة الكويت، واستقرارها، والمقصود هو الشق الطائفي بالأزمة، وكذلك الطبقي. فالجدالات السياسية العقيمة، أياً كانت مبرراتها، أمر بات مألوفاً للأسف في جميع الدول العربية التي تمارس العمل الديموقراطي، وبطرق أبعد ما تكون عن النهج الديموقراطي، الذي أساسه الحس الوطني الجامع، من خلال رجال دولة لديهم المقدرة على تغليب مصالح البلاد، والسمو عن كل ما يمكن أن يجر البلاد إلى مزالق خطيرة، أو أعمال تعطل عجلة التقدم، وهذا أمر غير متاح في كثير من دولنا، وخير مثال تعطيل عمل البرلمان اللبناني لفترة ليست بالقصيرة.

لكن لبنان غير الكويت، ولا يوجد وجه شبه بينهما، وهذا هو المقصود عندما نقول إن التجاذبات السياسية في الكويت شيء، والانزلاق لخطر الطائفية، والطبقية شيء آخر. فعندما ننظر إلى ما يدور في الكويت من رجل يسخر قناته التلفزيونية من أجل تحريض طبقة ضد أخرى، فإن ذلك ليس من الحرية بشيء، فالحرية مسؤولية، بينما التحريض مؤشر على انفلات، بل وتهديد للسلم الاجتماعي والوطني.

والأمر نفسه بالنسبة للاصطفاف الطائفي، فمن زار الكويت مؤخراً يلحظ مؤشرات مزعجة، وأقول هذا وأنا من محبي الكويت، وأهلها، بل ومنحاز لهم، فقد راعني كثيرا ملصقات رأيتها بأم عيني على بعض السيارات في الكويت لا يمكن وصفها إلا بالطائفية.

والشيء بالشيء يذكر، فمثلا، التصرف المشين الذي قام به مركز دعوي سلفي في الكويت هذه الأيام بهدف المس بمعتقد عاشوراء بالنسبة لأبناء الطائفة الشيعية، لا يمكن قراءته بمعزل عن عمل آخر يمثل استفزازاً، بل وجرأة على مشاعر وذاكرة الكويت والكويتيين، وهو إقامة سرادق العزاء الخاص بعماد مغنية في الكويت، وكلاهما، مع الفارق، أمر بعيد عن الحرية أو الديموقراطية، ناهيك عن أسس العيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد.

ومع أمير الكويت كل الحق حين اعتبر أن هذه «الأجواء مشحونة بالنزعات والنعرات المقيتة بما تحمله من بذور الفتنة تهدد ركائز ومقومات مجتمعنا في أمنه واستقراره ومجمل مناحي حياته». فأياً كان التجاذب السياسي فلا بد أن تبقى هناك خطوط حمراء متفق عليها من قبل الجميع، حماية للكويت، والكويتيين.

[email protected]