وهل هذه حياة؟!

TT

أول مرة قابلت الملك أحمد فؤاد كان على عشاء في بيت الوزير المغربي محمد بن عيسى. لاحظت أنه لا يدخن ولا يشرب الخمر. بينما زوجته لا تكف عن الاثنين طوال الليل. ولما انفردت به سألته، فقال: أنا مثل والدي لا يشرب ولا يدخن لأنه يكره رائحة السجائر ورائحة الخمر.

ونحن في مصر فضحنا الملك فاروق وجعلنا الشعب يصدق الأكاذيب الصحافية من أنه يأكل خلاصة «عشرين فرخة» ويتطوح كل ليلة ويتساقط في الكباريهات. وكانت الملكة فريدة صديقة حميمة. وسألتها. واتفقت معها على أن أنشر مذكراتها التي تدافع فيها عن زوجها الذي ظلت تحبه.

وفي يوم في باريس دعانا إلى العشاء المهندس السعودي محمد سعيد فارسي الذي أبدع كورنيش مدينة جدة. وكنا أربعة: هو والملك أحمد فؤاد وزوجته فضيلة وأنا. وجاء الطعام ولم أمد يدي إلى شيء. سألوني، قلت: إنني لا بد أن أتعاطى بعض العقاقير ثم أتناول وجبة خفيفة. ولم يكن صحيحا!

وفي يوم سألني الرئيس السادات إن كنت أتغدى معه. فوافقت. ولكن الرئيس السادات يعيش على وجبة واحدة هي غداؤه وعشاؤه، الساعة السابعة مساء. أي بعد أن نكون فرغنا من لقاء ساعتين، ثم السير على الأقدام ساعتين. وبعد ذلك يذهب ليقوم ببعض الألعاب الرياضية وينام. فلاحظ أنني لا أمد يدي إلى الطعام. فسأل، فقلت: أنا عدت إلى القاهرة وشجعتني زوجتي على الطعام. وتغديت معها. ولم يكن صحيحا!

والصحيح - مع الأسف - هو أنني لا آكل اللحم، وآكل السمك قليلا.. ومنذ سنوات لم أعد أطيق لا شكله ولا رائحته. ثم إنني لا آكل الأرز ولا المكرونة ولا السلطة ولا الشوربة. ولا أذوق الحلويات ففيها سكر والسكر يصيبني بالحموضة. ولذلك أدعي أنني أكلت وشربت.

قال الشاعر القديم: لا يعف الناس إلا عاجزين

وأنا لا أعف. وإنما أعاف أكثر الطعام بكل أشكاله وألوانه ووجودي على أي مائدة يسد ويصد الناس عن الطعام.