ملك مصر.. ولكن داخل متحف قصر المنيل

TT

هو واحد من أسرار القاهرة التي لا يعرفها الكثيرون.. متحف فريد في عمارته ومعروضاته.. إنه متحف قصر المنيل، الذي يعد بحق أحد أهم وأجمل المتاحف التاريخية في القاهرة، خاصة إذا عرفنا أن الأسرة الملكية - أسرة محمد علي - لا تزال تحتفظ بالعديد من الأسرار والغموض الذي ساد العلاقات بين أفراد هذه العائلة.

وينفرد قصر المنيل بتصميمه المعماري، حيث بني على الطراز الإسلامي المقتبس من المدارس الفاطمية والمملوكية. والمتحف يعد مدرسة فنية جامعة لعناصر الفنون المختلفة، وهذا ما يؤكده لوح التأسيس الذي يعلو مدخل القصر، ويقول النص: «أنشأ هذا القصر الأمير محمد علي باشا نجل المرحوم محمد توفيق إحياء للفنون الإسلامية وإجلالها».

وقد تم إنشاء هذا القصر عام 1901 على مساحة 16 فدانا، بينما ولد صاحب القصر الأمير محمد علي الصغير عام 1875 ميلادية ومات عام 1954، وقد نال الأمير محمد علي قدرا كبيرا من التعليم الراقي، فكان موسوعة للفنون العربية والأجنبية، ولم يكن فقط محبا للفنون، بل جامعا لها بكل صورها، خاصة منتجات الفنون الإسلامية. وقد انعكس ذلك على قصره فجاء تحفة فنية تحاكي قصور العصور الوسطى.

ويحيط مباني القصر والحديقة سور خارجي من الحجر الجيري المشيد على نمط حصون العصور الوسطى المتأثرة بالطراز المغولي، ويتخلل السور مجموعة من السقاطات والمزاغل «وهي وسائل دفاعية سواء لرمي الزيت المغلي على المهاجمين أو مزاغل لرمي السهام»، وتنتشر على السور مجموعة من الأقراص الحجرية كتب بداخلها أسماء الله الحسنى.

وإذا دخلنا إلى القصر وجدنا أنه يتكون من سبع سرايات رئيسية، وهي سرايا الاستقبال، وبرج الساعة، والمسجد، وسرايا الإقامة، وسرايا العرش، والمتحف الخاص، والقاعة الذهبية.. ومن أجمل ما بالقصر الحديقة التي تضاهي أجمل حدائق العالم من حيث ندرة الأشجار والنباتات وأعمارها. ويقوم المجلس الأعلى للآثار الذي يتبعه القصر بالسماح بتأجير الحديقة بشروط صارمة لإقامة حفلات الزفاف أو الاحتفال بمناسبات مختلفة.

أما القاعة الذهبية فهي من أجمل بنايات القصر، وقد نالت هذا الاسم نظرا لأن جميع جدرانها وسقفها نفذ بزخارف الذهب. وهذه هي قاعة مجلس الوصاية التي بنيت بعد تولي محمد علي الصغير رئاسة المجلس. وهذه القاعة تتكون من ثلاثة إيوانات وحجرتين جانبيتين.

وعلى سقف القاعة نرى زخرفة على هيئة سجادة رائعة الطراز يتوسطها جامة بيضاوية بارزة مشغولة بالتفريغ على شكل أوراق نباتية تتدلى منها نجفة كبيرة نادرة من الكريستال صنعت خصيصا لهذه القاعة، ويحيط بهذه الزخرفة مجموعة من الجامات المستديرة بعضها محلى بالزخارف والآخر بداخله أسماء الله الحسنى، وعلى نوافذ القاعة مجموعة من المستطيلات الجصية بداخلها أبيات من قصيدة نهج البردة للإمام البوصيري في مدح سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.

وللقاعة حجرتان ملحقتان؛ الأولى تعرف باسم القاعة الشامية، وهي تحفة فنية قائمة بذاتها وكل جدرانها مغطاة بأخشاب ذات زخارف نباتية ملونة وعليها آيات قرآنية وأدعية وأبيات من الشعر.

أما القاعة الثانية، فهي تعرف بالقاعة الغربية، وهي على الطراز العربي وخالية من النقوش، لكن يتوسطها سرير من الفضة رائع خاص بابنته الأميرة هانم.

بقي أن نعرف أن الأمير محمد علي الصغير ظل يحلم باعتلاء عرش مصر وأن يصبح ملكا على مصر ولكن أمنيته لم تتحقق، فظل يعيش حلمه داخل قصره ويتصرف باعتباره ملك مصر الحقيقي.

هذا المكان بحق هو أحد أسرار القاهرة التي يجب أن نعرفها وأن نزورها. ولا يزال هناك العديد من الأسرار..