إيران 2010

TT

مع أفول آخر ساعات عام 2009، نستغرق في تأمل ما مر من أيام كانت حتما حافلة.

حتى لو لم نسمّ أحداثا بعينها، فإن استعادة سريعة تظهر كم كانت كثيفة يوميات الأشهر المنصرمة؛ بحيث، نادرا، ما تسنى لنا التوقف والتعمق في معانيها وتداعياتها.

ربما هذا ما يدفعنا إلى محاولة استدراك ما فاتنا فهمه، فبعض ما مر ربما نأمل بتكراره، إلا أن الغالب على ما يبدو نسعى إلى تجاوزه ونسيانه أو على الأقل الاعتبار به.

ثمة أحداث طغت، وشخصيات تميزت، وصور رسخت، بحيث يبدو من الصعب حصر عام 2009 بحدث أو بزاوية وحيدة. تبارزت كبريات المؤسسات الإعلامية في إبراز أحداث وحاولت قراءتها، واختارت مجلات كلاسيكية شخصيات وأحداثا ميزت السنة التي نودعها..

هناك تطورات تقلب مسار أناس عاديين بل وحياة المحيطين بهم على نحو جذري..

هذا مثلا ما دفع بصحيفة «التايمز» البريطانية لاختيار الإيرانية التي قضت في المظاهرات الاحتجاجية الإيرانية الصيف الماضي «ندا سلطان» لتكون شخصية العام. ندا، وهي طالبة الموسيقى التي لم يرتبط باسمها أي عمل أو نشاط سياسي وبفعل رمزية المشاهد التي التقطت لها لحظة مقتلها في وسط المظاهرات الإيرانية وتناقلتها مواقع الإنترنت ووسائل الإعلام، باتت وجه الاحتجاج الإيراني، ورمزا للتمرد على السلطة الحالية. ويبدو أن حياة الكثير من الإيرانيين الذين لم يسبق أن انخرطوا في حراك سياسي قد تغيرت. هذا ما يمكن لمسه بسهولة عبر «ثورة التويتر» التي أطلقت على التحركات الاعتراضية الإيرانية، التي أظهرت مهارة فائقة لدى الإيرانيين في التجمع والتعبير والتواصل في الداخل، ومع العالم. هذه المظاهرات التي لم تنطفئ منذ الصيف الماضي تودع العام على تأجج وحراك مفتوح على ما يبدو، وهنا يظهر أيضا موقع «تويتر»، أو الإنترنت عموما، كوسيلة وحيدة تقريبا لمعرفة ما يجري في إيران.

يردنا هذا الكلام إلى مقال نشره معلق إسرائيلي الصيف الماضي يستشعر فيه خطرا من تقدم الإيرانيين في استخدام شبكة المعلومات وفي بناء الأنظمة يفوق مخاطر قنبلة أحمدي نجاد النووية العتيدة. إيران تأتي ثانية بعد تركيا في المنطقة لجهة اعتماد مجتمعاتها على تقنيات الاتصال والمعلومات. وفّر هذا قدرة لقوى المعارضة في المواجهات الأخيرة، فوصلتنا صور اعتقد النظام أنه بمنعه وسائل الإعلام التقليدية من العمل سيحجبها عنا. ولكن، وبما أن التكنولوجيا سلاح متاح للجميع، بدأ النقاش اليوم حول قدرات النظام على استعمال هذه التكنولوجيا لمراقبة المعارضة؛ إذ إن قدراته، لكونه يملك ما يفوق قدرة المعارضة، أكثر فعالية، ما يتيح له الدخول إلى الشبكة ورصد النوايا والتوجهات.

هذا النقاش بدأ في بيئة مرتادي الشبكة، فصحيح أن الأخيرة توفر قدرة على التواصل، ولكنها أيضا تتيح إمكان المراقبة.. أيهما سيكون أقدر في استعمال الشبكة، المعارضة أم السلطة؟؟

في عام 2010 سنشهد إجابة عن هذا التساؤل..

diana@ asharqalawsat.com