8 سنوات بعد عام 11/9 وجملة من الفشل الأمني

TT

كلما فكرت في محاولة التفجير الفاشلة لطائرة عشية عيد الميلاد زاد حنقي للأخطاء الكثيرة التي سمحت لعمر الفاروق عبد المطلب بالصعود على متن الطائرة بالمتفجرات التي حاكها في ملابسه الداخلية، في مستهل عهد إدارة أوباما حيث ساد شعور بأن كل شيء وكل شخص يسير في الاتجاه الصحيح.

أنا أدرك أن الأمر عندما يتعلق بهجوم إرهابي لا يكون السؤال ما إذا كان الحادث سيقع أم لا، بل متى سيقع. وأن ما بدا واضحا قبل وقوع الحدث كان غير واضح إلى حد بعيد وقت وقوعه. كما أن مقابل كل شخص مثل عبد المطلب يستطيع التسلل عبر الثغرات، أحبطت الكثير من المؤامرات الإرهابية. أو على الأقل لنأمل ذلك.

ولذلك تعلمنا، لأننا يجب أن نعيش بمستوى جديد من المخاطرة، كالمتسلقين إلى قمة عالية. وقد اعتدنا على هذه الأوضاع المتغيرة لدرجة أننا نسينا انخفاض نسبة الأكسجين في هذه المرتفعات، الذي يعتبر الخطر الداهم. فقط اللحظات التي تشبه وقائع الرحلة 253 هي التي تعيدنا إلى الحقيقة الجديدة - والتي تعتبر الأسوأ، وهي أننا بعد ثماني سنوات طويلة ومكلفة لم نتغير بالشكل الكافي.

«لم يتم تقاسم المعلومات.. أو مشاركة التحليلات.. وغالبا ما كانت المعلومات تضيع عبر التقسيم الذي فصل الوكالات الداخلية والخارجية للحكومة».

«يجب أن لا يتأخر الاستخدام المطور لقوائم المحظور دخلوهم إلى الأراضي الأميركية وتفتيش المشتبه بهم، هذه الحماية يجب أن تقوم بها إدارة أمن المطارات، ويجب أن تكون تلك القائمة الكبيرة من قوائم الانتظار التي تحتفظ بها الحكومة الفيدرالية».

«يجب على إدارة أمن النقل أن تولي أولوية كبرى لتحسين قدرة التفتيش في النقاط الأمنية لكشف المتفجرات التي يحملها الركاب».

هل كان ذلك تحليلا لحادثة طائرة عيد الميلاد؟ كلا، إنها مقتطفات من تقرير لجنة 11/9.

وكما هو الحال مع الكثير من الفرص الضائعة لوقف خاطفي الطائرات في 11/9 تأتي قصة عبد المطلب التي تبدو تكرار مثيرا للغضب لكيفية وقوعها.

فكيف يعقل أن لا تلغى تأشيرة عبد المطلب بعد لقاء أبيه بالسلطات الأميركية للإبلاغ عن المخاوف بشأن أفكار ولده الراديكالية؟ وقد قال مسؤول أميركي لشبكة «سي إن إنؤ: «بعد أن اتصل الوالد بالسفارة قمنا بإدراج ملف تأشيرته، حتى إذا حاول تجديد التأشيرة لشهور من الآن أدى ذلك إلى مراجعة متعمقة لطلبه». يا له من عمل مطمئن.

كيف يعقل بعد تحذير والده، حيث يفترض على الأغلب أن يوضع اسم عبد المطلب في قاعدة بيانات منتشرة، أن تصبح تلك التحذيرات بلا فائدة؟! وقد شرح أحد مسؤولي الإدارة بأنها لم تكن معلومات قوية بما يكفي لوضع اسم عبد المطلب على قوائم الانتظار. ما هو مستوى الخطورة الذي تريده يا سيادة المسؤول حتى تبدأ في التحرك؟

كيف يعقل أن ترفض السلطات البريطانية طلب تجديد تأشيرة عبد المطلب دون أن يتسبب ذلك في مراجعة مماثلة من قبل مسؤولي الولايات المتحدة؟ ألم يتم إعلام الولايات المتحدة أم أن سلطات الولايات المتحدة لم تتخذ إجراءات في مواجهة ذلك؟ لا بد أن هناك مشكلة لا تزال مستمرة في الاتصالات الحكومية أو التراخي الحكومي. كيف يمكن لأحد الركاب السفر من نيجيريا المعروفة بثغراتها الأمنية، وعدم فحص الأمتعة، وشراء تذكرة سفر بأموال سائلة، ولا يخضع لتفتيش إضافي؟ ماذا الذي كان عليه أن يفعل - ارتداء لافتة تقول: «هل ترغب في التحقق من ملابسي الداخلية؟».

كيف يعقل أن يكون هناك نقص شديد في تكنولوجيا الكشف عن المتفجرات على الرغم من مطالبة لجنة 11/9 بمنح أولوية قصوى للكشف عن المتفجرات التي قد تكون بحوزة الركاب؟

كيف يعقل أن يكون أفضل خط دفاع لدينا مكونا من عدم الحرفية والشجاعة - عدم الحرفية من قبل المهاجم الذي لم تنفجر قنبلته بشكل صحيح، والشجاعة من جانب الركاب الذين تصرفوا بسرعة للسيطرة عليه وإخماد الحريق؟

وكيف يمكن، في مواجهة كل هذا، أن يكون هدف استراتيجية اتصالات الإدارة، التي تصاغ عبر المؤتمرات عبر الهاتف، التأكيد بأن المسؤولين يتحققون من كل شيء وأن علينا أن نطمئن؟

لم يكن هذا مجرد خطأ مفترض خارج السياق بالنسبة لوزيرة الأمن الداخلي جانيت نابوليتانو، بل هو النهج الرسمي المألوف. وما أثار الكثير من النقاشات في برامج يوم الأحد الحوارية، مقاومة السكرتير الصحافي بالبيت الأبيض روبرت غيبس أي جهد ممكن لحمله على الاعتراف بأن شيئا ما أدى إلى هذا الخطأ الخطير.

وقد فعل الرئيس أوباما الأمر الصائب يوم الثلاثاء عندما اعترف «بإخفاق المنظومة»، وأن ذلك كان «غير مقبول تماما». وسواء أكان ذلك جهدا في السيطرة على الضرر أو إدراك المتأخر لما بدا واضحا منذ البداية، فإنها استراتيجية أفضل من النهج السابق.

الشعب الأميركي ليس غبيا بقدر ما افترضت الإدارة لدى توليها، فهم يعتقدون أن أي إرهابي يمتلك التصميم يمكن - وربما ينجح في نهاية المطاف - أن يتسلل من دفاعات أفضل إعدادا. لكنهم لا يقبلون - ولا ينبغي لهم - أن يكون النظام واهيا حتى يسمح لهاوٍ مثل عبد المطلب بالتسلل، مع كل التحذيرات التي قدمت بشأنه وتم تجاهلها.

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»