العلاقات التركية - السعودية تتطور بوتيرة متسارعة

TT

مع دخولنا العام الأخير من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، يسعدني القيام بزيارتي الرسمية الأولى إلى المملكة العربية السعودية بصفتي وزيرا للشؤون الخارجية لجمهورية تركيا.

تعد السعودية واحدة من الدول المحورية بالمنطقة، ويحمل ثقلها السياسي والاقتصادي أهمية، ليس فقط من حيث التأثير على التطورات الإقليمية، وإنما كذلك تناول قضايا ذات أبعاد عالمية. وعليه، قدمنا إلى هنا لنشيد بالدور البناء للمملكة في تحقيق السلام والأمن والرخاء في الشرق الأوسط وما وراءه. ونقدر كذلك الإصلاحات المهمة التي نفذتها المملكة على الأصعدة المرتبطة بالسياسة والاقتصاد والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والثقافة في ظل القيادة الحكيمة والمثالية لجلالة الملك عبد الله، خادم الحرمين الشريفين. تقوم العلاقات التركية - السعودية على أواصر صداقة حقيقية وأخوة بين الشعبين. وتربطنا صلات ثقافية وتاريخية تضرب في عمق التاريخ. علاوة على ذلك، نتشارك في الدين والموقع الجغرافي. كما أن للدولتين مصلحة كبيرة في الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار بالمنطقة.

وتسعدني الإشارة إلى أن العلاقات التركية - السعودية لا تزال تتطور على أصعدة متنوعة بوتيرة متسارعة. ولعبت الاتصالات والزيارات الرسمية المتبادلة على أعلى المستويات، والتي ازداد معدلها بمرور الوقت، دورا مهما في تعزيز هذا التوجه. في الواقع، جاءت زيارة جلالة الملك عبد الله لتركيا عام 2006 كأول زيارة من نوعها منذ 40 عاما بمثابة نقطة تحول في العلاقات بين البلدين. وتلقت هذه العلاقات زخما جديدا من خلال زيارة الرئيس التركي عبد الله غول للسعودية في فبراير (شباط) 2009. ومهدت زيارات متكررة على المستوى الوزاري الطريق أمام تعزيز وتنويع التعاون بين الجانبين. وجرت ترجمة هذا التوجه التصاعدي في علاقاتنا السياسية إلى نتائج ملموسة على المستويين الاقتصادي والسياسي، ففي غضون عامين، زاد حجم التجارة بين البلدين من 3.3 مليار دولار عام 2006 إلى 5.5 مليار دولار عام 2008. ونأمل في زيادة هذا الرقم إلى أكثر من 10 مليارات دولار في غضون بضع سنوات. من ناحية أخرى، شهدت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في حجم الاستثمارات المتبادلة. ونأمل في أن يوفر ذلك زخما لعلاقاتنا الاقتصادية بعد إقرار اتفاقية التجارة الحرة التي نتفاوض بشأنها مع مجلس التعاون الخليجي.ونحن سعداء بملاحظة تنامي الاتصالات بين شعبينا بالتزامن مع التطورات التي تشهدها العلاقات في ميادين أخرى، حيث تزداد أعداد السائحين السعوديين في تركيا بصورة مستمرة، في الوقت الذي يزور فيه عشرات الآلاف من الأتراك السعودية سنويا للحج. إلى جانب ذلك، يعيش ويعمل في السعودية قرابة 100000 مواطن تركي، يشكلون جسرا قويا ومستمرا للصداقة بين البلدين. كما أننا حريصون على تعزيز اتصالاتنا وتعاوننا في الحقل الثقافي. ففي هذا الإطار، يجري التشجيع على تنظيم أسابيع ثقافية متبادلة وإجراء دراسات جماعية حول تراثنا الثقافي المشترك. والملاحظ أن التوافق والتناغم يميزان السياسات الخارجية للدولتين نحو المنطقة. وهناك ثقة متبادلة بين الدولتين تمخض عنها تزايد التعاون والتنسيق في تناول القضايا الإقليمية. وعليه، نحاول في البلدين الإسهام في الجهود الدولية الرامية للمساعدة في استئناف عملية المصالحة بين الفرق الفلسطينية، وتناول مأساة الشعب الفلسطيني في غزة، وتعزيز الاستقرار في دول مثل العراق ولبنان وأفغانستان واليمن والسودان.

كما تتعاون تركيا والسعودية بصورة وثيقة فيما يخص المنتديات الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي. في الواقع، تعد آلية التشاور الاستراتيجي بين تركيا ومجلس التعاون الخليجي الأولى من نوعها التي يقرها المجلس مع دولة خارجية.

وختاما، أنقل أسمى الأمنيات بعام سعيد على الشعب السعودي ومواطنينا المقيمين في هذا البلد الشقيق، وأود التعبير عن اعتقادي بأن الفترة القادمة ستشهد ظهور مجالات جديدة لتعزيز أواصر الأخوة بين بلدينا بما يخدم مصالح الشعبين والمنطقة بأسرها على النحو الأفضل.

* وزير الخارجية التركي