أحداث العام العلمية والقارئ العربي: تساؤلات جديرة بالاهتمام

TT

حفل عام 2009 بالكثير من الأحداث والقضايا العلمية المهمة، والتي مع كثرتها وأهميتها لم تستطع وسائل الإعلام العربية - وبخاصة الصحف واسعة الانتشار - تغطيتها بنوع من الوفاء كما تفعل في تغطيتها المتزايدة لشؤون وقضايا وأحداث ونجوم الرياضة والفن، ولهذا ليس غريبا أن لا تحظى أخبار وأحداث العلوم والتكنولوجيا باهتمام متزايد من القارئ العربي.

وليس المقصود بالتغطية العلمية، نقل وترجمة أحداث وقضايا العلم والتكنولوجيا عن الصحافة ووكالات الأنباء العالمية والأجنبية وكفى، بل أيضا ومهما أن تكون مصحوبة بالتحليل الدقيق والمتميز والرؤية العميقة لهذه الأحداث وأوجه التفاعل معها والاستفادة منها عربيا.

وإذا ألقينا نظرة سريعة على أهم الأحداث والقضايا العلمية - عربيا وعالميا - لعام 2009، نجد أن: إنفلونزا الخنازير واللقاحات الخاصة بها، والتغير المناخي والاحتباس الحراري، والنانوتكنولوجي (التقنيات متناهية الصغر) تأتي على رأس قائمة هذه الأحداث والقضايا، مع اختلاف كبير في كيفية وأساليب تغطيتها إعلاميا عالميا وعربيا.

ومن بين أهم أحداث العام العلمية التي حظيت باهتمام متزايد وبخاصة عالميا: موافقة الرئيس الأميركي (أوباما) على إجراء أولى التجارب على البشر باستخدام الخلايا الجذعية الجنينية، وهي خلايا متعددة الاستخدامات قادرة على التطور لتصبح أي نسيج متخصص في الجسم، الأمر الذي يشكل بداية عصر جديد في العلاجات الطبية.

وكذلك نجاح شركة «هوندا» اليابانية للسيارات في تطوير تقنية ترصد الأفكار وتحولها إلى إشارات يلتقطها الروبوت «أسيمو» لكي ينفذها كأوامر، وتعد هذه التقنية الأولى من نوعها في العالم التي يمكن لروبوت فيها تحريك يديه وقدميه بأوامر من أفكار الإنسان.

ومن بين أحداث العام أيضا التي أثارت العديد من التساؤلات الأخلاقية، تمكن علماء في جامعة «نيوكاسل» البريطانية من إنتاج حيوانات منوية في المختبر ولأول مرة عالميا، وذلك من خلال خلايا جذعية جنينية، الأمر الذي يمهد الطريق لطرق جديدة في علاج العقم، كما يثير العديد من القضايا والتساؤلات الأخلاقية بشأن مدى سلامة الحيوانات المنوية المنتجة مختبريا، أي التأكد من أنها حقيقية وتماثل الحيوان المنوي الأصلي وسليمة صحيا، وتساؤلات حول التدخل في عملية الإنجاب في صورته الطبيعية واحتمالات التداخل والاختلاط في الأنساب.

وأيضا تمكن باحثون في كلية «إمبريال كوليدج» البريطانية من تطوير لاصق طبي رقمي يلتصق بجسم المرضى ويمكنه رصد المؤشرات الصحية الحيوية لهم؛ مثل عمل القلب ورصد عملية التنفس وقياس درجة حرارة الجسم، ويرسل البيانات منها إلى الأطباء سواء في مواقع عملهم أو لدى تجوالهم مع كمبيوتراتهم الجوالة، الأمر الذي سيدعم اقتصادا كبيرا في النفقات الصحية.

كما حفل العام 2009 بالعديد من الدراسات الجديدة عن مخاطر استعمالات الفضة النانوية «النانوسيلفر» على الصحة والبيئة، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات والنقاشات والقضايا الأخلاقية حول النانوتكنولوجي وتطبيقاتها.

وتثير تغطية أحداث وقضايا العلوم والتكنولوجيا العالمية والعربية، العديد من التساؤلات المهمة الجديرة بالاهتمام عربيا، إذا أردنا أن يكون للعلوم والتكنولوجيا موقع بارز ودور مهم في حياتنا، والتي من بينها:

هل مكان نشر الأحداث والقضايا العلمية في الصحيفة (الصفحة الأولى، أو الأخيرة، أو الصفحات الداخلية، أو صفحات العلوم والتكنولوجيا) والمساحة المخصصة لنشرها، يؤثر في مدى قراءة وتفاعل القراء العرب معها؟ وهل كيفية وأساليب نشرها (في عناوين مثيرة، مزودة بالصور والرسوم التوضيحية، وربطها بالبيئة العربية، واستطلاع آراء العلماء العرب والجماهير) تؤثر أيضا في عدد وتفاعل القراء معها؟ وهل يزداد اهتمام القارئ العربي بقراءة أحداث وقضايا العلم والتكنولوجيا عند ارتباطها بحياته الخاصة واليومية، وبحدوث كوارث ومخاطر قائمة، مثل إنفلونزا الخنازير، والتغير المناخي والاحتباس الحراري، والسيول، والزلازل وغيرها؟ وهل يرتبط ويزداد اهتمام وتفاعل القارئ العربي بالأحداث العلمية، باهتمام وسائل الإعلام العربية المتزايد بها، ويرتبط أيضا بأسماء محرريها من كتاب وعلماء علميين متميزين؟

وأخيرا سؤال أخير.. إلى متى ستظل فوبيا (الخوف المرضي) القارئ العربي من العلوم والتكنولوجيا (Science Phobia) قائمة رغم استخدامه واستمتاعه يوميا بإنجازات العلم والعلماء؟

* كاتبة وباحثة مصرية

في الشؤون العلمية