كأنه طوق النجاة!

TT

نظرية فلسفية تقول: هناك حقيقتان.. الحقيقة ثم الذي كأنه الحقيقة. فالأساطير الإغريقية تتحدث عن الحب والكراهية والغيرة والحقد والشجاعة. ويصدقها الناس كأنها حقيقة. والحقيقة أنها ليست حقيقة.

أو بعبارة أخرى: هناك المرض والشعور بالشفاء، أو كأنه الشفاء. تذهب إلى الطبيب تجلس وتنتظر، وأنت عادة لست صبورا إلى هذه الدرجة، ولكن الذي شجعك على الانتظار أنك أحسست فجأة بأن أوجاعك قد ذهبت أو كأنها. أي أن وجودك في عيادة الطبيب وبالقرب منه جعلك تشعر نفسيا كأنه عالجك جسميا. هذا الشعور حقيقي. ولكن هل أعطاك الطبيب دواء؟ الجواب: لا.. وإنما (كأنه) قد أعطاك دواء. إذن هناك المرض وهناك الدواء وهناك معايشة الدواء وما يشبه الشفاء.

إذن لا داعي لأن تحرم الناس من هذه السعادة التي يشعرون بها. وما دامت حقيقة، وما دام هذا الوهم له قوة الدواء والشفاء، إذن لا ضرر من بقاء هذا الوهم ما دام يريح ملايين الناس. والأطباء يفعلون نفس الشيء، فهم يعطون المريض (بلاسيو) أي بديلا عن الدواء، حبوبا أو أقراصا، ويقولون له إنها الحبوب التي أدمنها ويريدونه أن يكف عنها، ويستريح المريض إلى هذه الحبوب الوهمية. فهذا الوهم هو الذي له قوة الحقيقة!

مثلا: رائد الفضاء أرمسترونغ أول إنسان نزل على القمر. وحيد أبويه.. وقبل سفره ذهبت أمه بمنديل كبير تزور به الكنائس وترجوه أن يلفه حول رقبته حماية له. مع أن هذا الشاب تراقبه ألوف العيون الإلكترونية من محطات المتابعة الأرضية.. ترقبه وترصده. ولكنه وضع المنديل إيمانا منه بأنه سوف يحميه من عناء المشوار بين الأرض والقمر وعلى سطح القمر والعودة إلى الأرض. وعاد سالما والعلماء يعرفون كيف.. وأمه على يقين من أن المنديل كان طوق النجاة له!

«كل حزب بما لديهم فرحون».. صدق الله العظيم.