هل انتهت المعركة مع الإرهاب؟

TT

طبيعي أن يكون العنوان صادماً، فهذا هو المطلوب؛ فمن يلاحظ العمليات الإرهابية الأخيرة المنسوبة لتنظيم «القاعدة»، أو التي تبناها التنظيم نفسه، يجد نفسه أمام أسئلة أكثر من الأجوبة، حيث أن العمليات الإرهابية الأخيرة اتسمت بطابع مختلف عن ما سبق أحداث 11 سبتمبر الإرهابية في أميركا، أو ما جاء بعدها.

فمنذ عامين والعمليات الإرهابية باتت تتسم بطابع نوعي أكثر من كونها عملا جماعيا منظما، على غرار ما شهدناه في مواقع كثر، مثل السعودية، أو أميركا، أو لندن، والأردن، وغيرها، والتي استهدفت قتل أكبر عدد من البشر، ونشر الذعر للقول بأن تنظيم «القاعدة» قوي وموجود، والاستثناء هنا قد يكون العمليات الضخمة التي تقع في العراق، ولا يزال النقاش يدور حول ما إذا كانت من عمل «القاعدة» أو خلافه.

ولو جردنا أهم العمليات النوعية فهناك عملية اغتيال بي نظير بوتو، وهناك محاولة اغتيال مساعد وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف، وكذلك العملية التي قام بها الجندي الأميركي من أصل فلسطيني نضال مالك حسن بقاعدة «فورت هود» في ولاية تكساس. وهناك الحالة الأخيرة وهي الهجوم الانتحاري بقاعدة لوكالة الاستخبارات الأميركية في أفغانستان، والتي راح ضحيتها عدد من قيادات الاستخبارات الأميركية، واتهم فيها شاب أردني قيل إنه عميل مزدوج للمخابرات الأردنية، و«القاعدة»، وهي عملية شبيهة تماماً للعملية الانتحارية الدموية التي تعرض لها الحرس الثوري الإيراني حين لقي ما لا يقل عن 29 شخصاً مصرعهم، بينهم 6 من كبار قادة الحرس الثوري، بالإضافة إلى زعماء عشائر، في هجوم تبنته مجموعة جند الله الإيرانية، في إحدى مدن محافظة سيستان ـــ بالوشستان (جنوب شرق) قرب الحدود مع باكستان.

وتبقى هناك الحالة الأبرز والاستثناء، حيث أنها لم تستهدف قيادات أمنية أو خلافه، حين حاول شاب نيجيري تفجير طائرة الدلتا الأميركية، واللافت أن من أحبط المحاولة هم الركاب، وليس رجال الأمن، أو المعلومات الاستخباراتية.

والمراد قوله هنا هو: هل نحن أمام انحسار لعمليات «القاعدة» على اعتبار أنها باتت تقوم بعمليات تستهدف قيادات، ورموزاً، وليس عمليات ضخمة كانت تستهدف ما يعرف بالأهداف السهلة، أو السفارات، وشبكات المواصلات، وذلك لأن العمليات الاستخباراتية قد ضيقت الخناق على «القاعدة» ولم يعد لدى التنظيم سوى اللجوء إلى الحيل، أو الخداع باستهداف الأجهزة الأمنية، أو حتى القيادات، وهذا ما رأيناه في المعركة ضد الإرهاب التي دارت بين الدولة المصرية وجماعة الجهاد الإسلامي في التسعينات حين كانت عملية استهداف الرموز مؤشر الانحسار الكبير، خصوصاً أن من كان يشرف على تلك المعركة، من طرف الإرهابيين، هو من يشارك في التخطيط لـ«القاعدة» اليوم أي ايمن الظواهري، أم أننا أمام عمل نوعي، ومتطور، من قبل «القاعدة»؟

لا توجد أجوبة بالطبع، ولذا فإن المطلوب هو المزيد من النقاش، لأن البعض بات يعتقد أن خطر الإرهاب قد زال، وهناك شبه الاسترخاء في التعامل معه.

[email protected]