لا حب ولا زواج!

TT

مرت أربعة أيام، خمسة أيام، ولم يفكر أحد تصويب هذه الغلطة التاريخية، لا الأدباء ولا طلبة الأدب ولا المؤرخون.. فقد جاء في مقال لكاتب معروف أن الأستاذ العقاد قد تزوج ميّ زيادة!

كان يتمنى. وكذلك كل كبار المفكرين في زمانها.. كلهم أحبوها. وكل واحد تخيل كما يشاء أحاديث وخطابات وتلميحات.. ولكن ميّ زيادة احترمت الجميع ولم تكذب على نفسها أو على أحد. حتى الأستاذ أرسل لها كل خطاباتها. كما أرسلت هي أيضا كل خطابات العقاد التي تبدأ هكذا: (الآنسة الفضلى). وبعد ذلك أي كلام عام كأنه يخطب في الجماهير.. ولا يوجه لها مباشرة أي كلام، فليس بينهما ما يدل على علاقة خاصة غير الإعجاب المتبادل..

وظلت الآنسة مي زيادة في صالونها الأدبي تبهر ضيوفها بعلمها وثقافتها الواسعة، وذكائها النادر. ولم تذهب في علاقاتها إلى أبعد من ذلك. والسبب أنها كانت تحب رجلا لبنانيا ليس في مصر. وظلت تحبه حتى دخلت مستشفى الأمراض العقلية في لبنان. وكانت ضحية للتوتر الشديد والحرمان الرهيب وعقول جبارة في زمانها.. وسلمت من عقول وألسنة كل هؤلاء: العقاد وطه حسين ولطفي السيد وعبد القادر حمزة وسلامة موسى.

أما المفكر الإسلامي الشاعر مصطفى صادق الرافعي فقد ذهب بعيدا. هو الذي ذهب. هي لم تذهب به. ولا أشارت ولا لمحت ولا وعدت ولا حتى تحدثت إليه.. ربما مرة أو مرتين.

ولكن من هذا الحب الوهمي كتب كلاما جميلا. في كتبه: «السحاب الأحمر».. و«أوراق الورد».. و«رسائل الأحزان». وسألوها، فنفت أن تكون هناك علاقة من أي نوع. حتى الصداقة لا توجد. فالرجل ينظر ولا يسمع ما تقول في معظم الأحيان. فسمعه ثقيل. وكانت تقول: ليس سمعه فقط وإنما دمه أيضا.

وبعثت إليه أن يكف عن أوهامه والإساءة لها في كل مناسبة، فهو يتخيل أحاديث وغراميات وحوارات وكلها في خياله هو..

والأستاذ العقاد يعرف أين هو منها، وأين كانت هي منه. وقد احترمت مشاعره واحترم مشاعرها. ولا كانت صداقة ولا حب.. طبعا ولا زواج!