نعي اجتثاث البعث!

TT

خطأ قاتل جديد ارتكب في العراق يتمثل بقرار حظر مشاركة صالح المطلك، وحرمان كتلته السياسية، الجبهة العراقية للحوار الوطني، من المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة بتهمة الانتماء لحزب البعث المنحل.

فمع قرار ما يسمى بهيئة العدل والمساءلة، أي هيئة اجتثاث البعث، بحظر مشاركة المطلك وكتلته، تكون عملية اجتثاث البعث قد ماتت، ووجب نعيها، نظراً لأنها فقدت مصداقيتها تماماً، وهي التي كانت تعاني من نقص المصداقية أساساً، حيث تتهم بأنها عملية ممأسسة للانتقام من شريحة عريضة من مكونات الشعب العراقي. ولذا فلا غرابة في أن يعتبر المطلك ما حدث بحقه عملية «تهميش» للعرب السنة؛ فالواضح الآن أن هيئة اجتثاث البعث قد تحولت إلى قانون اجتثاث السنة.

فرغم أنه يقال إن كل شيء جائز في الحب والحرب، إلا أنه يبدو أن كل شيء سيكون مباحاً بالانتخابات العراقية القادمة، والقضية هنا ليست دفاعاً عن المطلك، أو السنة، بقدر ما أنه دفاع عن العراق ككل، وحق المواطنة فيه، بغض النظر عن الطائفة أو الدين، وخلافه، العراق المهدد بوحدته، حيث يكفي التذكير بما حدث بحق طارق الهاشمي، مثلا، على خلفية قانون الانتخابات العراقي المتعلق بعراقيي المهجر، وقبل ذلك ما حدث ويحدث بحق مسيحيي العراق.

ولذا فطبيعي أن يقول المطلك بأن قرار حظر مشاركته في الانتخابات جاء من «جهات تعمل باتجاه الحيلولة دون مشاركتنا في الانتخابات المقبلة»، مشدداً على أن «هذا القرار يعد سياسياً ومرتبطاً بإرادة خارجية» وإلا كيف يمكن أن نفسر الانقلاب بالمواقف، حيث كان المطلك شخصية مرغوباً التعاون معها من قبل المالكي بعد الانتخابات المحلية، واليوم يعتبر بعثياً يجب منعه، وحظر كتلته؟

ففي 20 مارس 2009 نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية ما نصه: «ورغم السمعة التي اتسم بها كشيعي متشدد عندما وصل إلى سدة الحكم عام 2006، جدد المالكي الدعوة من جديد هذا الشهر، ففي معرض خطابه، حث العراقيين على التصالح مع البعثيين العاديين، وهم من وصفهم بأنهم (أُجبروا وأُكرهوا في وقت من الأوقات على أن يكونوا في جانب النظام السابق)». وأضاف أنه قد آن الأوان «لنسيان ما حدث في الماضي». وقال المطلك إنه أخبر المالكي في اجتماع قبل شهرين ماضيين «في وقت من الأوقات كنت تقف ضدي حيال هذه القضايا، فأجابني قائلا يجب أن تكون سعيداً أني تغيرت». وضحك المطلك مازحاً في مقابلة أُجريت معه قائلا، في البداية «سرق رئيس الوزراء الحكومة منا، أما الآن فهو يحاول سرقة الخطاب السياسي منا». وأردف المطلك أن المالكي اقترح تحالفاً للانتخابات البرلمانية أيضاً، إلا أنه قال: «ما زلنا ندرس هذه الرسالة».

ولذا فمن الصعب تقبل قرار حظر المطلك وتكتله السياسي بالانتخابات العراقية المقبلة بحجة انتمائه للبعث، بينما بات من السهل القول إنه حان الوقت لنعي هيئة اجتثاث البعث، وتحت أي مسمى كانت، لان الواضح لنا أن ما يريد البعض اجتثاثه ليس البعث، بل استقرار العراق، ووحدته.

[email protected]