يجب أن يجردوه من صفاته الإنسانية!

TT

طلبت هيئة الفضاء الأوروبية عددا من المتطوعين للسفر إلى المريخ. ليس للسفر مباشرة وإنما لإجراء تجارب عليهم كأنهم في رحلة إلى المريخ. وسوف تكون تدريباتهم في غرفة كبيرة في حجم سفينة الفضاء وتحت الأرض. ولمدة 250 يوما. وقبل أن يبدأ التدريب. لاحظ العلماء الأوروبيون تغيرات طفيفة في الضغط بشكل مفاجئ عند بعضهم.. وكان لا بد من فحص هؤلاء الشبان، واكتشفوا أن بعضهم في حالة حب. أو كان مرتبطا بفتاة يحبها ووعدها بالزواج. وأن واحدا اكتشفوا أنه مهموم بمرض والدته..

وبعد أيام من البحث والمناقشة قررت الهيئة استبعاد هؤلاء لأنهم أضعف من مقاومة الصعوبات التي سوف تصادفهم في رحلة طويلة تستغرق 500 يوم ذهابا وإيابا..

وحاول أحد هؤلاء الشبان أن يفسخ خطبته ليتفرغ تماما لرحلة المريخ. ولكن هيئة الفضاء رفضت تماما واستبعدته رغم صفاته المميزة في الرياضيات وعلوم الفلك وأن أحد أقاربه قد ذهب أكثر من مرة إلى المحطة الدولية الروسية. وأنه يعيش في جو رحلات سفن الفضاء منذ سنوات طويلة. ويعرف كل شيء في داخل السفينة وخارجها. وأن لديه اقتراحات بتعديلات في شكلها. وطلبوا إليه أن ينتظر بعض الوقت. ثم استدعوه وأعادوا الكشف عليه.. ووجدوا أن قلبه يدق أكثر كلما حاولوا أن يخوضوا في علاقاته الخاصة.. ثم قرروا استبعاده نهائيا..

لماذا؟ لأن المطلوب إنسان مطيع كالآلة تماما. يقولون له: قف. يقف. يطلبون إليه أن ينام فورا فينهار نائما. وكل ذلك بعد تدريبات شاقة على أن ينفذ كل ما يصدر إليه من أوامر من الأرض وهو في الفضاء..

وفجأة توفيت أم أحد هؤلاء الشبان في حادث سيارة.. فاستبعدته هيئة الفضاء فورا. وتأجل موعد بداية التدريب تحت الأرض وعزلهم تماما عن أخبار الدنيا. تماما كأنهم وحدهم في الفضاء. منتهى القسوة؟ نعم. ولكن هذا الفضاء الموحش المخيف هو أيضا في غاية القسوة. ولا يمكن اختراقه إلا بوسائل غير إنسانية. أي لا بد أن يتجرد رائد الفضاء من كل مشاعره إلا أنه آلة موفدة من آلة عن طريق آلة ليرى ويسجل ويبعث. ولا يهم إن عاد أو لم يعد!