(الملكة) و(القائد)

TT

الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا هي أقدم حاكم لا يزال في الحكم على وجه الأرض، فلها إلى الآن (58) سنة وهي جالسة على العرش، ويأتي بعدها (الأخ القائد العقيد) معمر القذافي الذي له إلى الآن (41) سنة وهو لا يزال جالسا على الكرسي.

وقبل أيام أخذت أتأمل صورة (إليزابيث) وصورة (القذافي)، ووجدت ما شاء الله أن كليهما ينضح بالصحة والعافية، وقدرت أن (الملكة) لو سارت الأمور كما هي فلا شك أنها سوف تكسر حاجز المدة الزمنية التي قضتها (فيكتوريا) وهي ملكة، كما أن (القائد) لو سارت الأمور كما هي فلا شك أنه سوف يكسر الأرقام القياسية لكتاب (غينيس).

وبالصدفة وبينما كنت أقلب في إحدى المجلات القديمة جدا إذا بها تتحدث عن (إليزابيث) عندما كانت أميرة، وجاء فيها: لم تكن خطبة الأميرة إليزابيث إلى الأمير فيليب مفاجأة، فالواقع أنها كانت متوقعة منذ سنوات، وإن لم تعلن إلا منذ أيام.

ومن قبل ذلك، كان زواج الأميرة الشابة يشغل بال والدها الملك (جورج السادس)، وكلما سألوه كأب كان يبتسم ويقول «دعوها تسأل قلبها أولا!»، وسألت الأميرة قلبها مثنى وثلاث ورباع. وذات يوم من أيام مايو، تلقت الجواب الحاسم من قلبها، وهي تتريض وتتروى في الأمر، بالحدائق المحيطة بالقصر. وكان الجواب:

- إنه هو.. إنه فيليب!

كانت تعرفه منذ عهد الطفولة والصبا، فلطالما لعبا معا في حدائق القصر، ولطالما قاما بأدوار مسرحية مضحكة، بل لطالما تخاصما وتشاجرا بسبب اللعب والتمثيل، ثم عادا فتصافيا واستأنفا اللعب والتمثيل.

ولم تكن هي، ولم يكن هو، حتى ذلك الحين ليعرفا ما الحب؟ وما الزواج؟ وهما طفلان يلعبان.

ثم اختفى فيليب من أفق إليزابيث، وقامت الحرب فذهب إلى الميدان. فماذا كان؟ لقد راحت تصنع له بيديها الجوارب (والبلوفرات) ثم تبعث بها إليه مع زملائه من الأمراء المجندين، مع أرق التحايا، وأطيب التمنيات!

وعجب إذا رآها بعد تلك السنين.. إنها لم تعد تلك الصغيرة الساذجة كما تركها، بل أصبحت شيئا أكبر من ذلك وأهم.

أما هي فقد أعجبت بالبحار الذي عاد شابا مكتمل الرجولة!

وتطور الإعجاب المتبادل بسرعة عجيبة. ثم التقيا في إحدى ليالي مايو وشهدهما المئات في حانة (البيجاتيل). ولم يخف على أحد منهم سر مرحها وابتساماتها، وهي تبادله رقصة بعد رقصة.. فخرجوا يتحدثون بما رأوا، ويحيكون أبدع القصص عن الحب والخطبة والزواج.

وقال قائلون: إنه القانون المعمول به منذ سنة 1772، وإن الأميرة إنما تنتظر رأي الملك في فتاها المختار..

وأخيرا، تبين أن الأب كان يعني كل ما يقول حين ترك لقلبها وحده مهمة الاختيار.. وكان إعلان الخطبة بعد ذلك بمثابة إعلان لنجاح قلبها في الامتحان.

[email protected]