إنه فقير وليس بخيلا!

TT

قال لي طه حسين إن توفيق الحكيم ليس بخيلا. ولكن يحب أن يقال عنه ذلك فيخلق جوا من المرح حوله. وهو ليس بخيلا ولكنه فقير. ومع ذلك فهذا الفقير لا يعرف كيف يدبر القليل الذي عنده وإن كان يتظاهر بحسن التقدير والتصرف..

ورويت لأستاذنا طه حسين حكاية تؤيد ما ذهب إليه في تفسير سلوكيات توفيق الحكيم. فإسماعيل ابن الحكيم كان موسيقارا وكان يعزف على آلة موسيقية ضخمة. وكان بارعا في العزف. وفي إحدى الليالي راح يرقص ويدق بالآلة الموسيقية على الأرض فتحطمت، فلجأ إسماعيل الحكيم إلى والدته أن تساعده وأن تؤيده في طلب قرض من والده. والقرض خمسة آلاف جنيه. مبلغ كبير. وحاولت الأم ونجحت. ولكن توفيق الحكيم، الواعي المدبر، قال: بشرط. فقالت الأم والابن معا: نقبل الشرط!

أما الشرط فهو أن يدفع إسماعيل الحكيم عند نهاية كل شهر مبلغ مائتي جنيه. فوافق. وفي نهاية الشهر يجلس توفيق الحكيم أمام غرفة ابنه وقد وضع منضدة سد بها الباب. وجلس يقرأ الصحف. وفي هذا اليوم لا يذهب إلى مكتبه في صحيفة «الأهرام» ولا يرد على التليفون سواء كان له أو لإسماعيل. ويظل جالسا أمام باب الغرفة.. وإذا سمع الحكيم حركة وراء الباب، اعتدل في جلسته. وقبل أن يرد على إسماعيل تحية الصباح. يمد يده ويقول: المتفق عليه أين؟

ويضع إسماعيل يده في جيبه ويعطي لوالده لفافة بها مائتا جنيه. وتظهر السعادة على وجه توفيق الحكيم ويضحك قائلا: اليوم براءة. تستطيع أن تأكل وتشرب..

سألت الحكيم عن الذي يفعله مع إسماعيل فقال: لقد علمته الأدب. والصدق في المعاملة. أنا أنتظره. ويمد يده يعطي الفلوس.. وقد أوشك على سداد الدين كاملا.. هاها..

سألت إسماعيل قال: بابا رجل طيب.. إنني فعلا أعطيه اللفافة.. ويعطيها لأمي.. وأمي تعطيها لي.. وهذه اللفافة تدور بيننا منذ ثلاث سنوات. ولو نظر إليها لوجدها هي هي.. ولكنه لا يفعل!

طه حسين: هاها...هكذا أخونا توفيق هاها!