محاولة التفجير الفاشلة قد تغير برنامج أوباما

TT

هل كان نداء التحذير في أعياد الميلاد لعام 2009 بالنسبة لباراك أوباما هو نفسه الذي تلقاه جورج دبليو بوش في يوم 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001؟

يبدو أن محاولة التفجير الفاشلة، من جانب أحد الركاب على متن طائرة أميركية كانت متجهة إلى ديترويت، أحدثت صدمة للرئيس الحالي مثل الصدمة التي أحدثتها الهجمات على مركز التجارة العالمي والبنتاغون للرئيس السابق.

كلا الرئيسين تلقى كثيرا من التحذيرات في شكل تهديدات أو حتى أحداث، لكن الاثنين أخذا على حين غرة؛ كان بوش يقرأ أمام أحد فصول الأطفال الصغار، أما أوباما فكان يقضي إجازة مع أسرته في هاواي.

وكان رد فعل بوش غاضبا، متوعدا بمعاقبة هؤلاء الأشخاص الذين تسببوا في هذه الأضرار والفوضى. أما أوباما فقد شعر بالغضب الشديد، وصب جانبا كبيرا من هذا الغضب على أعضاء جهاز المخابرات الذين قال إنهم أخطأوا الكثير من الأدلة وعجزوا عن التنبؤ بهذا الهجوم. وعلى غرار سلفه، تعهد أوباما بأن تشهد الدولة الأجنبية التي ولدت فيها هذه المؤامرة عواقب هذا العمل. كانت هذه الدولة أفغانستان قبل ثمانية أعوام، أما الآن فهي اليمن.

في الوقت الحالي، نخوض حربا بالوكالة في اليمن، بيد أن ذلك قد يتغير. يجب أن يعلم مقدمو الدعم لعناصر «القاعدة» من السكان المحليين أن هناك ثمنا ينبغي دفعه عندما يتعرض العم سام لهجوم من قواعدهم.

والسؤال الأكثر أهمية الآن هو كيف يؤثر ذلك على طريقة الرئيس الجديد في التفكير وعلى أولوياته على المدى البعيد. فقبل 11 سبتمبر كان برنامج العمل الخاص بالرئيس بوش يضم على نحو كبير مجموعة من التخفيضات الضريبية وبرنامجا تعليميا طموحا (وهو قانون «عدم حرمان أي طفل من التعليم»)، وكلا الإجراءين كان على وشك التمرير بسهولة في الكونغرس.

على الجانب الآخر، قدمت أعياد الميلاد على أوباما وأمامه برنامج متخم بمجموعة من المهام التي فرضها بنفسه. فكان ينهي الحرب التي ورثها عن سلفه في العراق ويتوسع في حرب أخرى في أفغانستان. وكان يعيد التفاوض بشأن علاقاتنا مع القوى الأخرى في العالم ويحاول الحصول على مساعدتهم في مواجهة الأنظمة الخارجة عن القانون في إيران وكوريا الشمالية. وبالتزامن، كان يواجه في الداخل بعض المشكلات التي تتمثل في الضغط من أجل إنقاذ الاقتصاد الذي تأثر تأثرا سيئا، فيما كان يحاول إقناع الكونغرس المتردد بتمرير تعديلات مثيرة للجدل، لكنها طموحة، على قانون الرعاية الصحية، وتشريع بشأن المناخ، وبعض القوانين المالية.

سيكون وضع أولوية جديدة بالنسبة لأوباما أكثر صعوبة على نحو بين، بالمقارنة بما بدا عليه الحال مع بوش. وستكون هذه الأولوية الجديدة أمرا شاقا بدرجة أكبر بالنسبة لأوباما عند مقارنتها بالخيار الذي اتخذه بوش لشن حرب على الإرهاب.

مع ذلك، فإن الأحداث لها منطقها الخاص. يبدو أن مؤامرة أعياد الميلاد قد هزت أوباما أكثر من أي شيء آخر قد يكون حدث له خلال عامه الأول في الحكم. فعندما سمح للبيت الأبيض أن ينقل تحذيره إلى بقية الأعضاء في الحكومة بأنه لا يمكن التسامح مع أي «تقصير» كهذا، بدا وكأنه يشير إلى أن أسلوبه الهادئ في القيادة قد بلغ ذروته.

ويتطلع كثيرون إلى تغير مماثل للهجة في تعاملاته مع الحكام المستبدين في إيران وكوريا الشمالية وحتى في تسامحه مع المناورات السياسية المعتادة التي يقوم بها كثير من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين في الكونغرس.

إننا لا نعرف بعد تأثيرات هذا الحدث على أوباما وحكومته، بيد أنني لن أفاجأ إذا كانت هذه التأثيرات كبيرة للغاية.

 

* خدمة «واشنطن بوست».

خاص بـ«الشرق الأوسط».