الضحية الكبرى

TT

أعطى الأسود عمر عبد المطلب والمسلم همام البلوي، دفعا مبكرا وفاصلا، للحملة التي بدأها «الرجل الأبيض» ضد باراك حسين أوباما ورئاسته. ولم تعد تلفزيونات وصحف روبرت مردوخ تترك أي شك في أن الحملة ضد ولاية ثانية بدأت منذ الآن. ولعل أول من أدرك ذلك أوباما نفسه، إذ بدل أن يفصل أحدا من مسؤولي الأمن، في الهزتين اللتين ضربتا أميركا، ما بين ديترويت وأفغانستان، وقف قائلا: «أنا الرئيس وحماية الأميركيين مسؤوليتي وحدي».

لكن الأرجح أنه سوف يُضطر، ربما قريبا، إلى عملية تغيير واسعة في الأجهزة الأمنية. لقد وجه الطبيب الأردني ضربة إلى الـ«سي آي إيه» لعلها الأسوأ منذ انفجار السفارة الأميركية في بيروت العام 1983، الذي أدى إلى مقتل 63 شخصا، بينهم كبار رجال الوكالة في الشرق الأوسط.

ويروي كتاب «إرث الرماد» للصحافي تيم واينر، حكاية تاريخ طويل من الإخفاقات والأخطاء، وفصولا عن المسؤولين الفاشلين الذين ورطوا الوكالة في مواجهات فاشلة، أو لم تؤدِّ إلى شيء. ولعل نقطة النجاح النادرة، حسب الكتاب، كانت يوم استطاع عملاء الوكالة تحريض رجال «أبو نضال» بعضهم على بعض، فراحوا يقتل أحدهم الآخر، دون أن يدري بأمر المؤامرة.

ربما يواجه «السي آي إيه» الآن، أقوى عدو في تاريخها. وهو أيضا لا يتوقف كثيرا عند ضوابط الصراع أو الأبعاد الإنسانية. لا محمد عطا ولا عمر عبد المطلب فكر لحظة في عدد الأبرياء أو في براءتهم. في حين وجه الضابط تد حسن والطبيب الأردني القتل إلى جنود وعملاء. واستطاع البلوي أن يخفي أمره، طوال عام، عن أمه وأشقائه، وحتى عن زوجته التركية، التي وضعت كتابا تشبّه فيه أسامة بن لادن بإرنست غيفارا. ولم ينتبه الأميركيون إلى أن الرجل الذي يعتمدون عليه في الحصول على معلومات عن أيمن الظواهري، متزوج بامرأة التقاها في جامعة اسطنبول، ولا بد أنه يلتقي معها في التفكير. وربما أيضا خُيّل إليهم أن رجلا متزوجا وأبا لطفلين لن يقوم على مثل هذا العمل، بمثل هذا الإصرار وهذه البرودة. وبعد حادثة البلوي وتد حسن، سوف يعاد النظر في الأعداء والحلفاء على السواء.