ما نستطيع فعله لمساعدة هايتي.. الآن ولاحقا

TT

في الوقت الذي أكتب فيه هذا المقال لا نعرف مقدار الدمار الذي لحق بهايتي جراء الزلزال الذي هز البلاد يوم الثلاثاء الماضي. إلا أن عددا كبيرا للغاية من الناس لقوا مصرعهم أو أصيبوا بجروح، وتشير التقديرات الأولية إلى أن ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص – ثلث سكان هايتي تقريبا – قد يكونون في حاجة إلى المساعدات، مما يجعل ذلك إحدى حالات الطوارئ الإنسانية الكبرى في تاريخ الأميركتين.

وقد التقيت مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يوم الأربعاء الماضي ومع قادة بارزين آخرين في المنظمة الدولية لمناقشة الاحتياجات الفورية وطويلة الأجل لهايتي، وضرورة البحث عن الأحياء تحت الأنقاض، ونقل جثث الموتى، وإعادة الكهرباء وإخلاء الطرق. لكن أشد ما تحتاجه هايتي هو الأموال من أجل المياه والغذاء والمأوى والإمدادات الطبية الأساسية لتقديم الإغاثة الفورية لهؤلاء المشردين والجوعى والمتضررين. وتعمل الأمم المتحدة بكامل أجهزتها جاهدة لتلبية هذه الاحتياجات ولإعادة تنظيم صفوفها على الأرض في هايتي عقب انهيار مباني المقرات الخاصة بنا وفقدان الكثير من زملائنا. وقد تعهدت الحكومة الأميركية، شأنها شأن حكومات الكثير من الدول الأخرى، بتقديم الدعم الكامل في جهود إعادة الإعمار. وعرضت المنظمات غير الحكومية والمواطنين العاديين تقديم المساعدة، فحتى الإسهامات الصغيرة ستحدث فارقا كبيرا في أعقاب هذا الدمار.

بيد أنه بعد مرور حالة الطوارئ، ستستمر أعمال إعادة الإعمار. ومنذ أن سافرت أنا وهيلاري إلى هايتي للمرة الأولى في ديسمبر (كانون الأول) عام 1975، أسرني هناك المستقبل الواعد لهذا البلد والمخاطر التي تحدق به، وتشبث شعبه بالأمل حتى في مواجهة الاستغلال والإهمال والفقر. وبالفعل، التزمت الحكومة والمواطنون في هايتي والشعب الهايتي في الشتات والدول المجاورة والحلفاء والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية بوضع خطة لتنمية طويلة الأجل. وستحتاج هذه الجهود إلى تعديل نظرا للكارثة التي وقعت يوم الثلاثاء الماضي، لكن لا يمكن الإقلاع عنها. وحينما كنت رئيسا للولايات المتحدة عملت على إنهاء الديكتاتورية العسكرية العنيفة في هايتي وإعادة رئيس هايتي المنتخب إلى الحكم. وفي شهر يونيو (حزيران) الماضي، قبلت دور المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى هايتي وذلك للمساعدة في تنفيذ خطة التنمية طويلة الأجل في هذه البلاد عن طريق تعزيز المساعدات الحكومية الخارجية والاستثمار الخاص وتنسيق وزيادة إسهامات المنظمات غير الحكومية والتي تشمل مزيدا من الهايتيين في الشتات. وتساعد هذه الجهود على خلق مزيد من الوظائف وتحسين التعليم والرعاية الصحية والإقلال من إزالة الغابات وتقديم مزيد من الطاقة النظيفة في دولة في حاجة ماسة إلى ذلك. لقد حققنا بداية جيدة، فقبل الزلزال كنت أعتقد أن هايتي تقترب من أي وقت مضى إلى ضمان مستقبل مشرق. وبرغم الكارثة، ما زلت أومن بقدرة هايتي على النجاح. وفي المقام الأول، يجب علينا رعاية المصابين والاهتمام بدفن جثث القتلى ومساعدة المشردين والعاطلين عن العمل وأولئك الذين يعانون من المجاعة. وفي الوقت الذي ننظف فيه الركام الذي خلفه الزلزال، سنخلق غدا أفضل عن طريق إعادة بناء هايتي على نحو أفضل؛ عبر مبان أكثر قوة، ومدارس ورعاية صحية أفضل، ومزيد من التصنيع والتخفيف من إزالة الغابات، ومزيد من الزراعة المستدامة والطاقة النظيفة. سيتطلب وضع هذا الأساس لمستقبل أفضل لهايتي المساعدات من الحكومات والشركات والمواطنين، فالشعب الهايتي يستحق منا كل الدعم، وبمقدور الراغبين في المساعدة التبرع عن طريق جهود الإغاثة للأمم المتحدة أو المؤسسة الخاصة بي.

وفي الأيام المقبلة، ستنشر الصحف الأخبار عن خسائر وانتصار للنفس البشرية. وستحثنا هذه الأخبار على المساعدة – لإعادة إعمار هايتي ومساعدتها على أن تصبح الدولة القوية والآمنة كما تمناها شعبها دائما أن تكون.

*رئيس الولايات المتحدة الأميركية الأسبق والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى هايتي

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»