ديمقراطية العراق إيرانية!

TT

يبدو أن العملية الديمقراطية في العراق تتطور بشكل سريع، ولكن للأسوأ دون شك. فما معنى أن تواصل هيئة اجتثاث البعث، أو ما يسمى اليوم بهيئة المساءلة والعدالة، قضم جميع التكتلات السياسية العراقية التي تخالف المنهج الإيراني في العراق، أو تتعارض مع من لديهم السلطة والصلاحيات اليوم من حلفاء طهران، وقبل الانتخابات العراقية القادمة، والتهمة الحاضرة دائما هي الانتماء، أو التعاطف، أو سمِّه ما شئت، مع البعث، أو من خلال حملات المداهمات والاعتقالات.

فبعد استهداف صالح المطلك زعيم جبهة الحوار الوطني، وكتلته السياسية، بحظر مشاركته في الانتخابات العراقية القادمة، بحجة التعاطف مع البعث، وهو الأمر الذي قيل إنه بُني على أساس جلسة مزاح بين المطلك وأحدهم، تم اليوم حظر قرابة 500 شخصية عراقية، ومن بينهم وزير الدفاع العراقي عبد القادر العبيدي، وهو الأمر الذي اعتبره الدكتور إياد علاوي تسييسا وتوسعا في دائرة الانتقام، حيث إن من شأن ذلك أن يقود إلى دولة الفوضى، لا دولة القانون.

ولذا فعندما نقول إن العملية الديمقراطية في العراق تتطور بشكل سريع ولكن إلى الأسوأ فالواضح أمامنا اليوم هو أن هيئة اجتثاث البعث، أو المساءلة والعدالة، قد تحولت إلى ما يشبه مجلس صيانة الدستور في إيران، المخول بإجازة من يحق لهم الترشح في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، والفرق أن المجلس الإيراني يقول من يقبل ترشحه في الانتخابات كأفراد، بينما الهيئة العراقية باتت أكثر شمولية، حيث إن مهمتها هي تضييق الخناق على الكتل السياسية، والشخصيات العراقية، وإن كان الأسهل أن تقول هيئة اجتثاث البعث، أو أيا كان مسماها، من الذين عليهم الترشح في الانتخابات العراقية القادمة، بدلا من أن تصل قائمة الحظر بتهمة التعاطف أو الانتماء للبعث في العراق إلى رقم قد يصل إلى الآلاف.

هذا ليس تهكما، بل حقيقة، فعملية الحظر المستمرة على كيانات وشخصيات عراقية باتت تلاعبا سياسيا مكشوفا، وتوسيعا لدائرة الانتقام، وتعميقا لسلطة فئة، أو جماعة، على حساب جميع المكونات العراقية اليوم وباسم الديمقراطية، وهي ديمقراطية لا تشبه إلا الديمقراطية المشوهة التي نراها في إيران، ونرى نتائجها التي أسفرت عن قمع الشعب، وقتل النساء، واحتجازهن في السجون، ناهيك عن الرجال، والشباب، واتهام كل من يخالف السلطة بأنه عميل للغرب وإسرائيل، أو أنه ضد الله والدين، ما دام يخالف أمر المرشد الأعلى، حتى بلغ الأمر في إيران تجريم استخدام الجوال والرسائل الإلكترونية لإبداء أي معارضة تجاه نظام أحمدي نجاد ومن خلفه، والفرق بين مجلس صيانة الدستور وهيئة المساءلة والعدالة، المخولة باجتثاث البعث، أنها تريد الاستفادة من الأخطاء التي حدثت بإيران من خلال القيام بعمليات استباقية قبل الانتخابات العراقية القادمة لتصيد خصوم حلفاء إيران النافذين في العراق اليوم قبل أن ينجحوا من خلال صناديق الاقتراع وبالتالي تصبح عملية اجتزائهم صعبة، أو يُضطرّ حلفاء إيران إلى ملاحقة خصومهم في الشوارع كما يفعل الملالي اليوم بحق الشارع الإيراني المعارض.

[email protected]