القيادة المركزية

TT

أخطر وأهم ما في كلام الجنرال ديفيد بترايوس عن وجود خطة «للتعامل» مع وضع إيران النووي، ليس الكلام نفسه وإنما صاحبه. لم يحدث، منذ زمن، أن اتخذ الجنرالات الأميركيون مواقف ومواقع سياسية، منذ انتقال القيادة المركزية إلى الشرق الأوسط. فمثل هذه المواقف المتعلقة بالحروب والأمن القومي وأمن الأميركيين في الخارج، وخصوصا المصالح الحيوية، بل الحياتية الأميركية، تترك عادة إلى ثلاثة: الرئيس أو وزير الخارجية أو وزير الدفاع.

لعلها سابقة خطيرة جدا، أن يترك، أو أن يسمح لقائد عسكري، بالإعلان عن موقف سياسي في هذا الحجم. كان إدوارد كينيدي، في ذروة معارضته للحرب الفيتنامية، يقول «لن نسمح لأي جنرال بأن يأخذ رجالنا للموت من أجل تلة في أدغال اللاوس. التلة الوحيدة التي يموتون من أجلها لا بد أن تكون فوق أرض أميركية».

كذلك كان دوايت أيزنهاور، رغم كونه جنرالا سابقا، وقائدا عسكريا في الحرب الثانية، يعرب باستمرار عن عدم ثقته بالعسكريين. وعندما توفي ستالين عام 1953، اكتشف أن قادة الأمن لم يعدوا أو يستعدوا لأي بدائل في حال وفاة زعيم الاتحاد السوفياتي. وكانت أميركا تخشى أن يشعل ستالين الحرب في وجهها في أي لحظة، لكنها اكتشفت من مذكرات خلفه، نيكيتا خروتشوف، أن ستالين كان «يرتعد» و«يرتجف» من احتمال مواجهة واسعة مع أميركا. وقال «لم يفعل ستالين أبدا ما يثير أميركا، فقد كان يعرف ضعفه جيدا».

كل ما كان يريده ستالين، على ما يبدو، هو ألا تتعرض روسيا لغزو آخر. لقد دفعت ثمنا كارثيا لا ينسى، عندما هاجمها نابليون آتيا من فرنسا، ثم عندما قام هتلر بغزو أراضيها قادما من ألمانيا. وبعد الحرب لم ير في دول أوروبا الشرقية المحيطة بها سوى خط دفاعي واسع «وطبيعي» يرد أخطار الكوابيس التاريخية الماضية.

هل يحاصر الجنرالات باراك أوباما، الذي يبدو في عامه الثاني، بعكس عامه الأول، يزداد اتجاها وانزلاقا نحو الحلول العسكرية؟ كان أيزنهاور يخشى أنه إذا أبقيت الأمور إلى العسكريين، فلن يبقوا في الخزانة ق-رشا واحدا. وثمة قول شهير للكاتبة إميلي ديكسون هو «الانزلاق هو قانون السقوط». لا ندري إلى أين سوف يأخذ الجنرالات باراك أوباما، يساعدهم، في حماس شديد، وبقصد وعمد سابقين أهل «القاعدة» وزملاؤهم في كل مكان. ثمة تيارات لا تعيش ولا تستمر ولا مكان لها، إلا في الصراع والدمار.